لم يتجاوز عبد الرحمن السلطان، الحكم الدولي، عشرة أعوام في مسيرته التحكيمية حتى أعلن اعتزاله في أكتوبر 2018.
كان حكمًا “مثيرًا” في العديد من المباريات، من أهمها إعادة مباراة المزاحمية ونجران في ملحق الصعود، بسبب الطريقة التي طبَّقها في ركلات الجزاء. بدأ التحكيم “معاديًا للابتسامة”، متأثرًا بالمهنا والزيد وكولينا، لكنه ترك الصافرة بابتسامة عرضية.
لا يعرف المجاملات، ما أوقعه في العديد من الأزمات. طوَّر نفسه خلال فترة قصيرة، وحصل على الشارة الدولية.
يؤمن بأن هناك إداريين، أداروا لجنة الحكام في الأعوام العشرة الماضية.
السلطان في حواره مع “الرياضية”، فتح العديد من الملفات الساخنة والقضايا الشائكة.
01
لماذا اعتزلت التحكيم على الرغم من قدرتك على العطاء؟
لأسباب كثيرة من أهمها، أنني لا أسمح لمسؤول أجنبي بالإساءة إلي، وهو كلاتنبيرج، رئيس لجنة الحكام السابق، فلدي كرامة. لقد قرَّر وبشكل شخصي سحب الشارة الدولية مني بعد مباراة المزاحمية ونجران في الملحق التي تمَّ إعادتها بسبب الخطأ في طريقة تنفيذ ركلات الترجيح، وكان من المفترض أن يعاد تنفيذ هذه الركلات لا المباراة بأكملها.
02
لكنَّ هذا الخطأ يحدث للمرة الأولى في السعودية، ما تعليقك؟
هذا صحيح. لكنَّ هذه الحالة تكررت في الدوري الهولندي، وأعيد تنفيذ ركلات الترجيح لا المباراة بأكملها، ولا أعرف من أشار على الاتحاد السعودي لكرة القدم بإعادة المباراة. بشكل عام، كل ما في الأمر أنهم لم يبلغونا بأن الطريقة لم تُعتمد من “فيفا”.
03
خضعت للتحقيق من قِبل اتحاد كرة القدم وفقًا لبيان صدر آنذاك، هل هذا صحيح؟
إطلاقًا. لم استُدعَ، ولم يتم التحقيق معي، ولم يتواصل أي شخص معي.
04
هل اعتزلت التحكيم قبل أن تُسحب الشارة الدولية منك؟
نعم، اعتزلت في أكتوبر 2018. كنت أواجه عقبات أمامي، منها عدم وصول تقريري من الاتحاد الآسيوي للانضمام إلى حكام النخبة الآسيوية، بينما وصل تقرير خالد الطريس، زميلي، وحينما تم الاستفسار من الاتحاد الآسيوي عن السبب، قالوا إنني لا أجيد اللغة الإنجليزية، وهذا الكلام غير صحيح.
05
مَن أخفى التقرير؟
خاطب هاورد ويب، رئيس لجنة الحكام السعودية السابق، شمسول، رئيس لجنة الحكام الآسيوية، الذي استفسر من علي الطريفي، مدير الدورة، التي نُظِّمت في دبي، فكان ردُّه أنني أنام في المحاضرات، وأستخدم الجوال، وهذا كلام عارٍ عن الصحة نهائيًّا.
06
لماذا دوَّن الطريفي هذا الكلام؟
لا أعرف، لكن حسبما فهمت، أن علاقتي بالطريفي إن لم تكن جيدة فلن تسير أموري بشكل صحيح على الصعيد الآسيوي، وأنا لست من هذا النوع الذي يتودد، أو يجامل أي مسؤول. تخيَّل أن هناك حكامًا، يتصلون برئيس لجنة الحكام، ويقولون له: أريد مباراة معينة. وأحيانًا يلبي لهم طلبهم.
07
هل حدث ذلك مع رئيس أجنبي أم سعودي؟
بغض النظر، لكن طالما أنك ذكرت الرئيس الأجنبي، في عهد كلاتنبيرج، كان بعض الإداريين في اللجنة، يسرحون ويمرحون، لأن كلاتنبيرج لم يكن يوجد بكثره في السعودية بسبب انشغاله بالتحليل التلفزيوني في إنجلترا.
08
مَن كان يدير اللجنة في تلك الفترة؟
أحمد البحراني، ويوسف ميرزا، وغيرهما من الإداريين، مَن كان يدير اللجنة لأكثر من عشرة أعوام، وكان لهم دور كبير في تكليف الحكام، حتى إنهم في مرحلة ما، كانوا يحددون الحكم الذي يستحق الشارة الدولية للحكام في رئاسة كلاتنبيرج.
09
حاليًّا، مَن يدير اللجنة في رئاسة الإسباني فرناندو؟
هم مَن يديرون اللجنة. الرؤساء منصب فقط، ومَن يكون مقرَّبًا من هؤلاء الإداريين، ينعم بكل خيرات اللجنة.
10
كيف تقيِّم مرحلة كلاتنبيرج؟
ما بناه عمر المهنا في أعوام، وثبَّته هاورد ويب بعده وطوَّره، جاء كلاتنبيرج وهدمه في عام واحد، والسبب أنه كان يكلِّف الحكم السعودي الأقل مستوى بمباريات قوية حتى يبيِّن للاتحاد السعودي والأندية أن هذا هو مستوى الحكام السعوديين، لدرجة أنه كان يكلِّف الحكم الذي يشتكي منه النادي في مباراته، وكان له هدف بإنشاء أكاديمية للحكام في السعودية ولم ينجح.
11
كيف كان معسكر الحكام في أسبانيا؟
هل هناك معسكر يتضمن التدريب ثلاث ساعات فقط في اليوم، وفي بقيته يقول المسؤول استمتعوا واخرجوا؟! كيف تريد إنتاجيةً من الحكم في الدوري، وهو لديه منزلٌ في ملقا، ويذهب إلى أحد الأماكن ولا يعود إلى المعسكر إلا في وقت متأخر من الليل، ويصحو متأخرًا، ويكلف مساعده بالتدريبات الصباحية، كما أن كلاتنبيرج يحب نفسه كثيرًا.
12
اذكر لنا أمثلة على أن كلاتنبيرج كان يحب نفسه؟
كانت لديه عقدة بعد استبعاده من كأس العالم. للمرة الأولى على مستوى العالم، يكون هناك رئيسٌ للجنة، ويحكِّم مباريات في الوقت نفسه! ففي إحدى المرات، أرسل الاتحاد الصيني خطابًا، يطلب حكامًا لإدارة مباريات في الدوري الصيني، فرشَّح نفسه.
13
لماذا اختار نفسه وتجاهل الحكام السعوديين؟
بسبب سهولة الرشاوى في بلدان مثل الصين وسنغافورة وغيرهما، ومن الممكن أنه اختار هذه الطريقة، خاصةً أن كلاتنبيرج لم يكن يملك منزلًا في ملقا الإسبانية. وجوده كان خطأً في تاريخ التحكيم السعودي، وأذكر في أحد الاجتماعات، أنه رفع قدميه على الطاولة، ورمى بجهازه الجوال عليها، ونادى المدير التنفيذي، وقال له: أبلغهم بأن يسددوا فاتورة جوالي “يقصد الاتحاد السعودي لكرة القدم”. وهذا حدث أمام عيني! لو كان هناك مَن يحاسبه لما عمل ما عمله.
14
هل اتصل بك أحد بعد قرار اعتزالك؟
ثلاثة أشخاص تواصلوا معي، هم محمد سعد بخيت، وصلاح عبد الواحد، وعويضه المنصور، الذي تواصل مع خليل جلال، رئيس اللجنة في ذلك الوقت، حول عودتي من الاعتزال، وأشكرهم وأشكر كل مَن تواصل معي.
15
هل تحدثت مع الإسباني فرناندو، رئيس لجنة الحكام الحالي؟
نعم، واستغرب من اعتزالي، خاصةً أنني صغير في السن، وما زلت محافظًا على لياقتي، وقال لي: ستنضم إلى الدورة التي ستنظَّم في يناير. لكنه لم يكلمني بعدها.
16
كيف ترى عودة الحكم السعودي، سهلة أم صعبة، وهل أنت مع إيقاف الاستعانة بالحكم الأجنبي؟
لا يوجد صفٌّ ثانٍ من الحكام، ومن الصعوبة على الموجودين حاليًّا قيادة جميع المباريات، وإيقاف الاستعانة بالحكم الأجنبي، سيكون قرارًا غير جيد، كونه سيرهق الحكام السعوديين.
17
كيف تصف بيئة التحكيم؟
سيئة لأبعد درجة. يمكن لأقرب شخص منك، أن ينقل كلامك إلى المسؤول.
18
هل أنت حكم “مثير”؟
لست مثيرًا، لكنهم لا يحبون الحكم الصريح. سأوضح لك ذلك: في بداياتي التحكيمية، كنت صارمًا جدًّا ولا أبتسم أبدًا، وكنت حينها أفهم التحكيم بشكل خاطئ بتطبيق القانون، والصرامة، وعدم الابتسامة، حيث كنت متأثرًا بعمر المهنا، وعبد الرحمن الزيد، والإيطالي كولينا بعدم التبسُّم، لكنني تغيَّرت فيما بعد، واستفدت كثيرًا من صلاح عبد الواحد.
19
توقفت بعد مباراة الاتحاد والشباب التي قدتها في جدة، وشهدت أحداثًا لا تنسى، لماذا؟
الشر يعم والخير يخص، هذا ما ينطبق على مباراة الاتحاد والشباب. لم أخطئ في تلك المباراة، فقد احتسبت ركلة جزاء للاتحاد، ثم ألغيتها دون وجود تقنية الفيديو. يومها وقع الخطأ من عبد الله الشلوي، المساعد، باحتساب هدف للشباب على الرغم من وجود حالة تسلل.
20
ماذا عن عدم تدوين دخول سامي الجابر، مدرب الشباب، إلى أرض الملعب في تقريرك لتلك المباراة؟
هناك أمر مهم، وأمر أهم. في تلك المباراة، كان تركيزي ينصب على احتساب ركلة الجزاء من عدمها للاتحاد، ولم أعلم بأي شيء عن سامي، وكتبت أن هناك تقريرًا إلحاقيًّا، وأقصد به رمي قوارير المياه من قِبل الجماهير، وبعد خروجي من الملعب، وصلني مقطع فيديو لدخول سامي الجابر، وحركته بدفع عامر زاهر، الحكم الرابع، فأرسلت إلى زاهر المقطع، وقلت له: هذه الحركة تعد إساءة إليك، أعطني رأيك، وأنا المسؤول، وسأدونه في تقريري. فأجاب: كلا، لم يحصل أي شيء. فلماذا أكتب أمرًا في تقريري وأنا لم أشاهده؟!
21
هل واجهت سامي الجابر بعد هذه الحركة؟
نعم، في الطائرة خلال عودتنا من جدة إلى الرياض بعد المباراة، قابلته، وقلت له: لن أعرف التحكيم إذا لم تتوقف، وذكرت له حركته بدفع الحكم الرابع. فسألني: هل ستكتب هذا في التقرير؟ فأجبته: هذا عملي ولا يخصك، واحمد ربك أنني لم أكن الحكم الرابع. وتوقَّعت أن تقرر لجنة الانضباط إيقافه، وهو ما حصل.
22
هل يتفاوت إيقاف الحكام من حكم لآخر؟
حكَّمت مباراة الاتحاد والشباب في الموسم نفسه، وتوقفت لمدة شهر، وبعد أن سافر هاورد ويب، رئيس اللجنة، أخطأ حكم آخر خطأً مؤثرًا في مباراة النصر والشباب، وكان المتضرر فريق النصر باحتساب جزائية للشباب “ليست صحيحة”، ومع ذلك كُلِّف الحكم في مباراة للدرجة الأولى في الأسبوع الذي يليه.
23
هل هذا دليل على ما ذكرته بأن مَن يدير اللجنة هم الإداريون؟
نعم. إذا كنت توصل طلباتهم، وتخدمهم، وتسافر معهم، فإن أمورك ستكون جيدة.
24
نزيه النصر، عضو اتحاد القدم الحالي، غرَّد بعد مباراة الاتحاد والشباب بأنك ظهرت مرتبكًا، وأنك كنت نقطة ضعف، ما تعليقك؟
وهل يملك نزيه الخبرة التحكيمية لتقييمي؟! وإذا كانت لديه هذه الخبرة، يا ليتنا نراه رئيسًا للجنة الحكام.
25
ظهرت في مدرجات الهلال أمام الغرافة في دوري أبطال آسيا قبل أعوام، وكنت يومها حكمًا في الدرجة الأولى، هل هذا أمر طبيعي بالنسبة إلى حكم؟
شاهدنا إعلاميين، ورؤساء أندية، ليسوا هلاليين، ومع ذلك حضروا نهائي أبطال آسيا، فهل هم هلاليون؟! وعمومًا، أول مباراة حضرتها في حياتي وأنا صغير مع الوالد، كانت بين الشباب والاتفاق.
26
لكن هناك فرقٌ بين الحكم ورئيس النادي والإعلامي، حتى إنك كنت ترتدي شعار الهلال في تلك المباراة؟
لم أكن أضع شعار الهلال، بل كنت أرتدي جاكيتًا، لونه أزرق، أعطته لنا لجنة الحكام.
27
هل كنت تشجع الهلال قبل دخولك التحكيم؟
لم ألعب للهلال كما يروِّج له الكثيرون ويتداولونه في الصور، هو قريب لي اسمه فيصل السلطان، وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة لم أحكِّم للهلال سوى مباراتين، الأولى كانت أمام هجر، واحتسبت فيها ركلة جزاء ضد الهلال. أنا لست هلاليًّا ولا نصراويًّا.
28
ماذا عن مباريات الأندية الأخرى، هل حضرت إحداها؟
نعم، حضرت مباراة للأهلي في الإمارات، وتكرَّر السيناريو نفسه، وقابلت قبلها أحد لاعبي النصر صدفةً، وهو صديق لي، وطلب مني أن نحضر معًا مباراة للأهلي، فوافقت.
29
ماذا عن الاتحاد؟
كان هناك لاعبٌ اتحادي صديقٌ لي، هو صالح القميزي، الذي كان يرتدي الرقم 17، رقمي المفضل، أهداني بعد أن حصلت على الشارة الدولية عام 2017 التيشيرت بوصفه ذكرى.
30
مَن اللاعب المشاكس
مع الحكام؟
يقولون إن حسين عبد الغني، لاعب الأهلي الحالي والنصر السابق، أكثر لاعب يثير الجدل مع الحكام، وللأمانة، حكَّمت أربعَ مباريات، أو خمسًا للنصر عام 2016، وكان عبد الغني فيها من أفضل اللاعبين تعاملًا على المستوى الشخصي.
31
ما رأيك في تقنية “VAR”؟
إذا ما أرادوا النجاح فعليهم الاعتماد على كاميرات خاصة بالتقنية لا كاميرات القناة الناقلة. هناك أربع حالات إلزامية، يبلِّغ فيها حكم الفيديو حكم الساحة، وفي الموسم الجاري رصدت حالات منها ومع ذلك لم يستدعِ حكم الفيديو حكم الساحة للتشاور فيها.
32
كيف ترى التنافس بين الأندية لتحقيق لقب الدوري في الموسم الجاري؟
فارق النقاط قليل بين الفرق المتنافسة، وهذا يؤكد قوة الدوري السعودي، لكنني أعتقد أن اللقب سيكون محصورًا بين الهلال والنصر، وما زال الوقت مبكرًا للحكم على الفرق.
33
مَن الحكم الذي يلفت انتباهك؟
من السابقين فهد المرداسي، والحاليين ماجد الشمراني، حكم مميز لكن لم تخدمه الظروف. أعتقد أنه أول حكم في جازان يحصل على الشارة الدولية.
34
مباراةٌ ندمت عليها بسبب أخطائك؟
على الرغم من أنها كانت أخطاءً غير مقصودة، إلا أنني أندم على مباراة المزاحمية ونجران، لأن المتأهل كان يُفترض أن يكون فريقًا آخر، ومباراة الرائد والاتفاق، حيث احتسبت ركلة جزاء عكسية، وكان يُفترض أن يفوز الاتفاق.
35
ما فكرتك المقبلة؟
سأخوض تجربة جديدة بعد الحصول على دوراتٍ، وهي إدارة كرة القدم في أندية الهلال، أو النصر، أو الشباب، وسأقدم ملفي إلى الأندية الثلاثة، والعرض الأفضل سأقبله، ومَن يظفر بخدماتي، سيكون “محظوظًا”، نظرًا لخبرتي التحكيمية والإدارية، وتعاملي مع اللاعبين خلال الأعوام العشرة الماضية، كما أنني معلمٌ، أحمل شهادة البكالوريوس في التربية البدنية “تربوي”، وهي تعادل رخصة الـ D وE في التدريب، وقد أخوض تجربة التدريب.