|


فهد عافت
كورونا والمكتبة!
2020-03-15
-أظنّه كتاب “نظريّة الفوضى”، هذا الذي تبقّى لي منه هذا المعنى: الكون متشابك، أي شيء يؤثّر في كل شيء!. لرفّة جناح فراشة في الإسكيمو، دخل ما، في مناخ السعوديّة!. قد لا يكون هذا منظورًا، لصغر حجم الفراشة ولبُعد المكان، لكن كونه غير منظور لا يعني أنه لم يحدث!.
-ما تأكد فيزيائيًّا، يُذهب العقل!. أنشتاين أثبت أن اللاشيء: ينحني!. واللاشيء هنا بمعنى اللاشيء!، بمعنى العدم!. وبهذا فسّر الجاذبيّة!، تلك التي اكتشفها نيوتن، ووضع معادلتها الحسابيّة، لكنه حين سُئل: طيّب! وما هي أصلًا وكيف تعمل؟!، قدّم شفته السفلى إلى الأمام قليلًا، وقال: لا أدري!.
-أنشتاين الذي فسّر كيفيّة عمل الجاذبيّة بانحناء الفراغ، الفراغ الذي هو اللاشيء، اللاشيء الذي هو العدم!، ساهم في إثبات أمر آخر لا يقل عجبًا: مُراقبة الشيء تُغيّر من تصرّفه!. من يومها صارت الفيزياء الكموميّة، العِلْم الأكثر غرابة!. حتى دروب السحر والشعوذة لم تتبجّح نصف بجاحة فيزياء “الكمّ”، ويا مثبّت العقل في الراس يا رب: صحّة نظريات “الكموميّة” تتأكد كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله!.
- ما دخل هذا بـ”كورونا”؟!. لا أدري!. لكني أكمل التداعيات المُنثالة، كما قلتها لصديقي الذي سألني رأيي فيما يحدث للعالَم اليوم!.
-الإنسان مغرور، يا صاحبي!. يظن أنّ أمر تسيّده لهذا الكوكب، كان يمكن له أن يتعقّد فقط فيما لو لم يفْنَ الديناصور!. وأنه بفناء الديناصورات قبل قدومه بملايين السنين كان محظوظًا، فقد تجاوز العقبة الوحيدة التي كانت في طريقه!. لا يدري ما تُخبّئ له الأقدار!.
-الإنسان مغرور لدرجة أنه لا يصدّق أن هذا الكون يمكن أن يستمر من دون جنسه البشري!. يتناسى أنه أحد آخر مخلوقات الله في هذا الكون!.
-دعك من لحظات التشكّل الأولى، الحياة نفسها قديمة بملايين ملايين ملايين ملايين السنين على وجودنا فيها!. شمسنا هذه، ابنة أو حفيدة، شمس سبقتها!.علميًّا: أول نجمة لا يمكن أن تكون فيها معادن!. لا بد من جيل أو جيلين لنفس النجمة حتى تتكوّن المعادن. والناس معادن!.
-سأشرح لك أكثر، لأتّعظ أنا أكثر، أمّا أنت فشأنك!. يحاول العلماء تبسيط المسألة لنا، بهذا التقريب الضاحك: لو أنّ عمر الكون هذا كله سنة واحدة فقط، وتخيّلنا أن لحظة الانفجار العظيم بدأت في أول جزء من أول ثانية من أول يوم من أول شهر “يناير”!. على هذه الحسبة يكون أول ظهور للإنسان الحديث: الساعة الحادية عشرة وخمس وأربعين دقيقة مساء اليوم الأخير من السنة “31 ديسمبر”!.
-يتململ، ويقول: حدّثني عن “كورونا”!. وأقول: هل قرأت رواية العمى لساراماغو؟!. فجأة، ودون مقدّمات أو أسباب، يجتاح العمى المدينة بأكملها!. وباء يعزل العالم ويجبر المعزولين على إعادة صياغة حياتهم، بل حتى مشاعرهم!. عمل روائي جبّار!.
-يتجاهلني: وهل من علاج لكورونا هذه؟!. وأقرأ له سطرًا من رواية العمى: “يؤكّد المتشكّكون، وهم كثُر وعنيدون، أنه عندما تكون الكلمة الفصل للطبيعة البشريّة، فإنه إذا كان صحيحًا أن الفرصة لا تصنع الّلص دائمًا، فالصحيح أيضًا أنها تُساهم في صنعه إلى حد بعيد”!.
-قال بممازحة غضب: ليتني اكتفيت بردّ مدرّب ليفربول عندما سُئل عن هذا الوباء، اختصر ثرثرتك هذه كلها بكلمتين!. قلت: نحن الكُتّاب نتعمّد إطالة الحديث ربّما لنحصل على مادّة للكتابة في اليوم التالي!.
-ولكنني، حقًّا، لا أدري كيف يمكن تمضية الوقت دون كرة قدم!. يوم بلا كرة قدم، هو يوم طويل وممل، أنا متأكّد من أن غاليانو كتب هذا مرّة!. لحظة أبحث لك عن الكتاب!.
-هذا هو على ما أظن: “ كرة القدم في الشمس والظل”، لكني عبثًا أبحث عن الجملة، يحتاج الأمر وقتًا، فتخطيطاتي على كل الكتاب تقريبًا!. سأجد الجملة فيما بعد، الآن خذ هذا السطر: “في كرة القدم، كما في كل شيء تقريبًا، كان الصينيون هم الأوائل”!. أجمل كتاب عن كرة القدم، وفيه ذكْر لتكتيك الخفافيش.. تخيّل!.