|


رياض المسلم
مشاهير الفلس وشارب «الديتول»
2020-03-21
“لا تصنعوا من الحمقى مشاهير”.. من المقولات التاريخية التي يجب أن تنحت أحرفها بالذهب ويقرأها كل عاقل، ويدرك معناها.. “السوشال ميديا” نعمة، ولكن بعض من استغلها ليكوّن شهرة “فارغة” حولها إلى نقمة..
من يسمون بمشاهير “السوشال ميديا” أو للأسف يطلق بعضهم عليهم مؤثرين، وأرأف بحال من يتأثر بهم، يسقطون في أول اختبار حقيقي أو أزمة تمر بها البلاد، ففاقد الشيء لا يعطيه، فما بالك لو كان هذا الفاقد أو الفاقدة يدرجون في خانة الفارغين.. فنحن “نسمع جعجعة ولا نرى طحنًا”.. نعم هذه حالهم..
في المرحلة الثانوية، كان من بين زملائي في الفصل طالب “بليد”، تصرفاته “حمقاء”، مستواه التحصيلي “متدنٍ” لسانه “خجل منه”، مشاكله كثيرة مع المعلمين والطلبة.. اختفى بعد نهاية العام الدراسي وانقطعت أخباره..
الأعوام تمرّ.. وإذا بأحد أصدقائي يطلب مني مشاهدة فيديو لأحد المشاهير على حد قوله، محاولاً إقناعي، فهو يعلم بأني لا أتابع أو أشاهد أيًّا من هؤلاء “الفارغين المفلسين”، ولكن بعد إلحاح جاملته ولبيت طلبه الثقيل، فإذا بي أشاهد فيديو محتواه سخيف لم أستطع أن أكمله، فأبعدت عينيَّ ولكن بسرعة مر شريط المرحلة الثانوية أمامي وطلبت منه أن يعيد المقطع، فإذا بي أشاهد الزميل البليد الأحمق هو بطل هذا الفيديو أو المشهور المزعوم..
سألت صديقي عن هذا المشهور فأجابني بأنه يعد أحد أبرز المؤثرين في وسائل التواصل، ومتابعوه يصلون إلى مئات الألوف والإعلانات تتهافت عليه.. قلت له: “هذا شخص تافه أعرفه من أيام الدراسة”.. فقال لي: “يا حظك تعرفه”.. كدت أخسر صديقي بسبب الجملة الأخيرة..
شخص لا يقرأ ولا يكتب ويقود المجتمع ويسدي النصائح، وآخر لسانه بذيء ومقاطع فيديو قبيحة تظهر له تجعل منه أسطورة.. وثالث لا يملك من الثقافة والعلم مقدار ذرة، ويحاضر على الصغار والكبار بحجة أنه مشهور..
أحدهم يذبح سربًا من طير الحمام في دورة مياه أحد فنادق لندن محاولاً “استخفاف دمه”، ولكنه شوّه صورتنا..
في ظل أزمة كورونا، نشاهد مشاهير يجتمعون في الاستراحات غير مبالين بمطالب وزارة الصحة بالمنع خشية تفشي الفيروس، وأحدهم يشرب الديتول في تصرف يدرج تحت بند “الكوميديا”..
علينا أن نلوم أنفسنا ألف مرة، فنحن من صنعنا من هؤلاء نجومًا وهم نكرات، هنا أتحدث عن مشاهير الفلس والفارغين وليس الجميع.. ألفظوهم من أجهزتكم.. وتتبعوا من تستفيدون منه، المتسلح بالعلم والخبرة والعمل والأخلاق الرفيعة.. وليس مشاهير الفلس..