|


بدر السعيد
دروس كورونا «3»..
2020-04-04
وها هو الأسبوع الرابع يطل علينا ونحن والعالم أجمع محاطون بالحديث عن فيروس “كورونا” وهو أمر طبيعي نتيجة ما سببه وسيسببه هذا الوباء من ضرر مباشر وغير مباشر للعالم أجمع دون استثناء، فهذا المخلوق المعقد لا يعترف باسم ولامكان ولا قيمة..
تحدثت في المقالات الثلاث الماضية عن كثير من جوانب تعاطينا مع هذا الداء العالمي الواسع من ناحية القدرة الإلهية العظيمة، ثم عرجت على قدرة وتفوق دولتنا الراشدة في تعاملها مع هذا الوباء، ثم أشرت في مقالي السابق إلى دور الرياضة والرياضيين تجاه مجتمعهم.. وقبل ذلك كله تطرقت في أولى مقالاتي تحت عنوان “كأس كورونا” إلى الجزء الإيجابي في هذه الأزمة..
قد يتفق معي الجميع في كون هذه الأزمة كانت ولا تزال كاشفة لقدرات وتعاملات الدول والمنظمات حول العالم واختبار جاهزيتها الميدانية وتركيبتها الفكرية التي توجه قراراتها.. وبالمثل فقد كشفت لنا الكثير من العقليات والشخصيات الاجتماعية لدينا، حيث ظهر لنا بوضوح تلك القيمة المعنوية الغائبة أو “المغيبة” لأسماء وطنية هي الأجدر بالاهتمام والمتابعة ومنح المساحة الكافية من الوقت والحضور الإعلامي قبل غيرها.. وعلى جانب آخر كشفت لنا هذه الأزمة مدى السطحية التي ظهر عليها “بعض” من أطلق عليهم المجتمع وصف “المشاهير” حيث ظهروا بشكل سلبي ومخجل لا يستحقون معه كل تلك الأعداد من المتابعين وكل تلك المساحة في وسائل الإعلامي الرقمي الجديد..
في أزمة “كورونا” لبسنا أقنعة الوقاية وسقطت أقنعة الزيف التي كان يرتديها كثير ممن يسميهم المجتمع “مشاهير” الإعلام بكافة فئاته.. وكأن هذه الأزمة جاءت لتمنح كثيرًا من البشر فرصة مراجعة النفس حول قيمة وأهمية اهتمامهم بشخصيات لم تكن تقدم لهم إلا البهرجة الفارغة أو التمصدر المفبرك أو الضجيج الكروي أو المبالغة في الزهو وحب الذات..
دخل أفراد المجتمع بيوتهم وبقوا فيها طويلاً لدرجة باتت فيها مراجعة النفس ومحاسبتها أمراً مصيرياً لا مفر منه، فاكتشف معظمكم كم هو الوقت الضائع نتيجة متابعة وملاحقة “بعض” من أسميتموهم بالمشاهير، وأعتقد أن كثيرًا منكم اكتشف أنه كان يضيع وقته وماله وجهده خلف أسماء وشخصيات لا تقدم النفع العميق لشخصياتكم ولا تضيف قيمة نوعية لسلوككم ولا تضعكم في إطار العلم والقانون، بل تستبدل ذلك كله بمفرداتها الفارغة إلا من الضجيج..
اللهم كن عوناً لبلادنا في تجاوز هذه المرحلة وكافة دول العالم.. واحمنا سبحانك من الشرور والأسقام ما ظهر منها وما بطن..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..