|


رياض المسلم
الأحياء العشوائية.. الكورونا بالجملة
2020-04-15
في تسوقنا نعشق جملة: “آخر شيء كم يا معلم”، إشارة بطلب التخفيض على سلعة ما، صديق سمعني أردد الجملة في محلات الأثاث فطلب كف الشراء والذهاب إلى موقع يبيع بأسعار أقل وهو مستودعات حي السلي شرق مدينة الرياض.
طلبنا من الصديق الصدوق “جوجل ماب” أن يأخذنا إلى الموقع، فلبى مشكورًا، ووسط تجاذب “السواليف” المفيدة وغير المفيدة تخطيت المخرج واعتذرت من جوجل ماب، فأدخلني مع مخرج آخر.. ضحكاتنا في السيارة ترتفع لتذكر مواقف قديمة، فجأة صديقي التزم الصمت.. ورقبته تتحرك يُمنة ويُسرة.. يطلب منيّ أن أسرع ولا أتوقف لأي شخص.. عرقه تصبب.. لسانه جف.. سألته عمّا به، فرد: “أنت ما تدري احنا وين؟!”.. قلت له بأني لا أعرف بالضبط ولكن هذا طريق جوجل.
بعد أن شتم محرك البحث الشهير وأنزل عليه غضبه، قال: “نحن في حي الفيصلية”.. قلت “خير يا طير، وش الميزة اللي خلته مختلف عن أحياء الرياض”.. هنا بدأ في سرد قصص حدثت في الحي وكثرة المخالفين والعمالة غير النظامية والجرائم، وأهم شيء شدني بأنه من الصعب أن يدخل شخص غريب إلى الحي.. وأثناء حديثه ليّ شاهدت مناظر مزعجة ومقززة والمخالفات تملأه، وللأسف بأنه يقع في منطقة حيوية في العاصمة..
خرجنا بسلام من الحيّ، والصورة في ذهني لم أتمكن من تجاوزها، وسؤال يتكرر.. ما الحل الذي يعيد تلك الأحياء إلى طبيعتها ويبعد المخالفين؟..
الفيصلية في الرياض، وحوش بكر في مكة، والكرنتينة في جدة وغيرها من الأحياء، هي بؤر فساد ومكان خصب للمخالفين من الجنسين، تشكل خطرًا على المدن.. فسكان تلك الأحياء يعانون من مضايقات العمالة المخالفة لأسرهم وأطفالهم، ونسمع عن قصص وروايات عن جرائم عدة تحكى وتروى وهي للأسف ليست من وحي الخيال بل من واقع الحي..
أزمة كورونا التي نعيشها على الرغم من مساوئها صحيًا إلا أنها كشفت خفايا عدة منها الأحياء التاريخية التي حولها المخالفون إلى أوكار فساد ومراتع للجرائم، فأضحت عشوائية..
وزارة الصحة ومعاونوها يبذلون جهودًا للحد من تفشي الوباء وشاهدنا إلتزامًا رائعًا من الجميع، ولكن في تلك الأحياء لا يزالون غير مبالين، الأرقام تتضاعف للمصابين من العمالة، فمن الطبيعي أن يحدث ذلك في ظل عدم التزامهم، فهم في الأصل اعتادوا على المخالفة وعدم التقيّد بالأنظمة..
آن الآون لنقول لهؤلاء من العمالة المخالفة وأصحاب الجرائم والمفسدين في تلك الأحياء، أحياؤنا ليست مأوى لكم.. وعلى الجهات ذات العلاقة أن توجد حلولًا جذرية لمعالجة الوضع في الأحياء العشوائية.