|


فهد عافت
القراءةليست حلًّا بالضرورة!
2020-04-15
ـ في هذه الأوقات، التي هي عصيبة دون أدنى شك، يُنصح بالقراءة. لكني أنبّه إلى ما أظنه مهمًّا: اقرأ إذا كان لديك حب وشغف بالقراءة، واحمد الله على نعمة هذه الهواية أو الموهبة، فقد جاء وقتها أكثر من أي وقت مضى وأنت تعرف ذلك أكثر مني.
ـ لكن إنْ لم يكن بك مَيْل من الأساس للقراءة، فإنني ممّن لا يظنون بقدرتك على الاستمتاع والاستفادة ولا حتى تمضية الوقت!.
ـ يمكنك تجريب الأمر، واختبار نفسك مع القراءة طبعًا، هذه هي الفرصة التي أتمنى عليك عدم تفويتها!. لكن إنْ لم تجد في نفسك رغبة، وبشكل واضح وصريح: إنْ لم تجد متعة في القراءة فاتركها، ولا تُجبر نفسك عليها!. لا تجمع ثُقلين معًا: ثُقل البقاء في البيت طول الوقت، وثُقل عمل ما لا تُحب ولا تشعر بمتعته!.
ـ صدّقني، وأقولها لك بأمانة، حتى الذين يحبّون القراءة، والذين ينشغلون بها عن متاعب الحياة في الأوضاع الطبيعيّة، يُعانون هذه الأيام من فقدان شهيّتهم للكتب!.
ـ بالنسبة لي، لم أقدر على إنهاء كتاب متوسط الحجم، طيلة الأسبوع الماضي!. وأعرف أصدقاء يحبّون الكتب مثلي وأكثر وجميعهم، تقريبًا، يعانون مثلي من هذا الأمر!.
ـ هذا وقت يجب أن تشغله بما تُحب ويُمتع. إن وجدت القراءة كذلك فهنيئًا لك، أنت محظوظ، وإلا فلا تشغل نفسك بها. حاول استغلال طاقاتك وقدراتك بأي شيء آخر، مهما كان بسيطًا، ومهما قيل لك إنه بلا قيمة. القيمة اليوم، الآن، في هذه الأوقات، هي في كل شيء يجعل هذه الأوقات أقل مللًا ورتابة!.
ـ لن يفهمك أحد أكثر منك!. يمتعك الطبخ.. اطبخ، يُمتعك غسل الحوش.. اغسل الحوش، تمتعك حكايات الأولاد.. اسمع حكايات أولادك، وإنْ أمتعتك القراءة.. اقرأ!.
ـ جرّب سقاية الزرع. وإن لم يكن لديك حديقة فاحلم بها، وفي طريقك إلى تحقيق هذا الحلم، جرّب زراعة نبتة واحدة، واستمتع برعايتها،...
ـ هذه فرصة، قد لا تتكرر، ويا رب أنها لا تتكرر إلا بخير، لتجربة أشياء صغيرة، بسيطة، مُهملة ومهجورة من جدولك اليومي، جرّبها كلّها، وتمسّك بما يُسلّيك منها!.
ـ الأهم من كل هذا، وهو ما لا يجب نسيانه أبدًا: أنت في واحدة من أهم تجارب أخلاقك!. ما لم تكن رائعًا، حكيمًا، حليمًا، بشوشًا، صبورًا، مع أهل بيتك، ومن يعمل في بيتك، فكل ما قيل “في الخارج” عن لطفك وأخلاقك من قبل ليس إلا كذبًا أو مجاملات فارغة أو خطأ في الحكم والتقدير ممّن سبق لهم الاطراء ومدح خصالك!.
ـ يسهل على كثيرين من أهل البحر، قيادة سفينة في البحار الهادئة والرياح المناسبة. يقل هذا العدد كثيرًا حين تتلاطم الأمواج وتغضب الريح!. ومن هذا القليل جدًا، قليل جدًا، هم أولئك الذين يكونون قادرين على قيادة سفينة ثابتة لا تتحرّك!.