|


رياض المسلم
مكاتب العقار تلعب بالنار
2020-04-17
حب المال أمر لا ضير فيه، فالنفوس جبلت عليه، كما قال سبحانه تعالى: “وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا”، كل يركض من أجل جمعه، الهدف واحد والطريقة تختلف من شخص إلى آخر.. بعضهم يأسره هذا العشق ويكون على حساب حب أمور أكثر قيمة وأهمية..
غرفة بدورة مياه واحدة معروضة للإيجار مساحتها 20 مترًا مربعًا تتسع لشخصين فقط، مالك العقار يصرّ على أنها تستوعب 10 أشخاص ولكن صاحب مكتب العقار يخالفه الرأي ويقول له: “هذي تكفي 15 عاملاً، وتراهم يقدرون يدبرون أمرهم ما عليك وكل واحد راح يدفع مبلغ وقدره”.. المالك يقتنع ويوقع عقد الإيجار.. الناموسة لو دخلت في الغرفة ستخرج بحجم الدبور لكثرة ضحاياها..
في إحدى السفرات رفض الفندق إسكان أكثر من 3 أشخاص في الغرفة وكنا وقتها أربعة ولم نجد سوى غرفة واحدة وحاولنا معه رغم مساحة الغرفة الواسعة ووجود أسرة احتياطية ولكن الموظف رد بقوله: “هذه أمور أمنية وأنظمة نحترمها”.. الأرقام العالية التي تسجل يوميًّا في عدد الإصابات بفيروس كورونا في مناطق ومدن السعودية تأتي بسبب سكن العمالة، وذلك بحسب ما ذكرته الجهات ذات العلاقة، فمن الطبيعي أن يرتفع العدد إذا أصاب كان العامل يشاركه 20 شخصًا في الغرفة ودورة مياه واحدة، أعتقد بأنه من الممكن أن تنتقل ملامحهم إلى بعض بعضًا وليس الفيروسات فقط..
ملاك العقار وأغلبهم من كبار السن للأسف وكذلك المكاتب، هؤلاء لم يبالون إلا برسالة “تم إيداع مبلغ نقدي في حسابك”.. وهو قيمة الإيجار من العامل.. والمكتب همه الحصول على عمولته.. والضرر الذي يلحق بالمجتمع آخر اهتماماتهم.. فعينهم على جيوبهم فقط..
جهود الجهات المختصة في الحد من هذا الوباء وتفشيه واجهتها مخالفات عدة متكدسة منذ زمن بعيد ومن الصعب حلها فورًا، ومنها إسكان العمالة..
الجهات التشريعية منها مجلس الشورى وهيئة تنظيم العقار وغيرها يجب أن تلتفت إلى مناقشة سكن العمالة، الذي بات موقعا خصبًا للأمراض والجرائم والمخالفات، ويكون هناك نظام صريح وواضح بربط عدد تسكين العمالة بمساحة الغرفة فلا يتجاوزوا 3 أشخاص على الأكثر، والجهات التنفيذية والرقابية منها البلديات الفرعية وأمانات المناطق، يفتشون السكن ويطبقون أقصى العقوبات على المخالفين من الملاك أو أصحاب مكاتب العقار أو العمالة والبحث عن المتسبب في المخالفة وعدم تطبيق النظام.
الوضع لا يحتمل مجاملة جشع بعض ملاك العقار أو المكاتب أو العمالة.. تصحيح الأخطاء لا يأتي إلا بفرض أنظمة قوية وعقوبات أقوى على المخالفين..