|


رياض المسلم
«الرجاجيل ما تطرحهم الإنفلونزا»
2020-07-10
مفهوم “الرجولة” لدى البعض يختزل في أن لا “تطرحه” الإنفلونزا على فراشه، يدخل معها في “مطارحة” أشبه برياضة الجودو اليابانية، فمن يرمي بالآخر خارج الحدود هو المنتصر ولكن المرض لم يعلن المنافسة فهو سيبقى ضيفًا أيامًا محددة وبعدها يغادر بسلام..
الكثير منّا عندما يشتكي لوالديّه أو إخوته أو أصدقائه عن إصابته بالإنفلونزا يقولون له: “خلك رجال وقم الإنفلونزا ما تطرح الرجاجيل”.. يشعرونك بأنك مبتعث في كاليفورنيا لدراسة علوم الطيران وبعدها ستعود بالرخصة موقعة من المنظمة..
الطبيب ينصحك بالبقاء في المنزل وأخذ قسط من الراحة ويمنحك الأدوية المناسبة بعد دراسة سنوات طويلة في مهنة الطب وخبرات مديدة سرعان ما تذهب أدراج الرياح مع صديق متخصص في التقنية الكهربائية يقول: “ما عليك منه، هم يبالغون اطلع من البيت وحاربها، الإنفلونزا تحب اللي يستسلم لها”..
نصادف في العمل والأماكن العامة والاستراحات والمطاعم وغيرها، أشخاصًا مصابين بالإنفلونزا يتجولون مترنحين في خطاهم، صوت السعال تسمعه على بعد أمتار وعندما يقابلك يأخذك بالأحضان بعد المصافحة وبعد أن نقل إليك الفيروس يقول لك “تامرنا على شيء، ما أقدر أطول معك لأني مفلوز”..
ولي أمر طالب في الابتدائية يرفض أن يتغيب ابنه الصغير عن الدوام المدرسي بسبب الإنفلونزا لكيلا يفوته درس الإنجليزي، فيصيب الابن زملاءه في الفصل بالعدوى ومنهم من يعاني أمراضًا مزمنة..
إذا كان الشخص المدجج بسلاح المناعة القوية يتغلب على الإنفلونزا في المعركة فإنه سيخسر الحرب، كونه تسبب في نقل الفيروس إلى الكثير من الأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة، وكم من كبير في السن أو طفل أو مصاب بمرض مزمن ذهب ضحية مضاعفات بسبب عدوى الإنفلونزا نقلها له “رجل قوي” بدافع المحبة والاحترام سواء بالمصافحة أو التقبيل على الرأس واليدين..
عندما حلّت جائحة كورونا، عرفنا معها التثقيف الصحي والإجراءات الاحترازية التي من المفترض ألا تكون قد غابت سلفًا أو تغيب لاحقًا بعد زوال الغمّة.. فربط دخول المنشآت بقياس درجة الحرارة من أهم التدابير الوقائية التي يجب أن تستمر حتى بعد رحيل الفيروس القاتل.. لتوقف مقولة: “الرجاجيل ما تطرحهم الإنفلونزا”.