|




أحمد الحامد⁩
نصهم!
2020-07-26
يحدث أحيانًا أن تتمنى لو امتلكت عشرة ملايين مثلاً، فيسمعك صديقك ويقول لك: كم ستعطيني منهم؟ حينها لن تخسر شيئًا لو قلت له: نصفهم!، طالما أن الأمر مجرد أمنيات وكلمات، ولكن ماذا لو حدث وامتلكت المبلغ فعلًا، فهل ستوفي بالتزامك وكلمتك التي قلتها لصديقك.. نصفهم؟.
منذ الأمس وأنا أفكر بقوة ووفاء الأمريكي “توم”، الذي ربح الياناصيب الكبير وحصل على 22 مليون دولار، توم سبق وتمنى لو أنه يفوز باليانصيب، قال أمنيته بصوت عالٍ قبل 28 عامًا، فسمعه حينها صديقه “جو” الذي سأله: كم ستعطيني لو فزت باليانصيب؟ فأجابه توم: نصفهم! وهذا ما حدث وما كتبته وسائل الإعلام عن الرجل الذي أوفى بكلمته ونفذها بحذافيرها وتقاسم الجائزة مع صديقه، توم رجل شجاع.
ولا أعرف إذا ما فزت أنا باليانصيب إن كنت سأوفي بكلمتي لو أنني قلت لأحد أصدقائي بأنني سأعطيه نصف الجائزة، أظن بأنني سأعطيه شيئًا منها، لكن.. نصفهم؟! تنفيذ مثل هذا الوعد يحتاج إلى رجل مثل توم، أما أنا فلم أجرب نفسي في مثل هذا الموقف.
إليكم هذه الحكاية التي رواها لي أحد زملائي، يقول إن لديه صديقًا منذ الطفولة، واعتاد هو وصديقه على أن يستدينا من بعضهم بعضًا مبالغ صغيرة، 500 ريال، وأحيانًا 1000 ريال، ثم يعيدان إلى بعضهما المبالغ بعد مدة، وهكذا استمر الحال بينهما سنوات طويلة.
يقول زميلي إنه وخلال فترة قصيرة وجراء دخوله العقار ربح مليون ريال، كان شيئًا من خيال، أودع الزميل المبلغ في حسابه البنكي، وهو غير مصدق لهذا التطور المفاجئ، بعد أيام من حصوله على المبلغ اتصل عليه صديقه ليستدين منه ألف ريال كما جرت العادة بينهما، أكمل حكايته وهو ينظر لي بتمعن وقال: تصدق يا أحمد ما عطيته!، ثم قال: هل تصدق بأنني قلت له إنني لا أملك شيئًا!؟، ثم قال وهو يحاول أن يفسر لا أن يبرر: لا أعلم ما الذي حدث.. المبلغ الكبير غيّر مني.. لم أتحمل أن ينقص من المليون ألف ريال.. ألم تسمع بالمثل القائل: الفلوس تغير النفوس!؟، ثم أكمل بأن الإنسان أحيانًا لا يعرف حقيقة النفس التي تسكنه!.
كل من يفوز بجائزة اليانصيب هو يستحقها، لأنها كانت من حظه ونصيبه، لكن توم يستحق الجائزة مرتين، الأولى لأنها من حظه، والثانية على شجاعته ووفائه، اللهم ارزقني بصديق مثل توم وامنحني مثل شجاعته.