|


رياض المسلم
المهنة مصممة أزياء واللقب إعلامية
2020-08-08
عندما يتقمص الممثل دور الضابط، فإن جميع من حوله سيقف احترامًا له ويتعامل معه حسب مهنته، ولكن عندما ينطق المخرج بكلمة “فركش” يخلع “البدلة”، ويعود إلى حياته العملية، فلا يمكن أن يستمر في ضبط الأمن أو الطرق لمجرد أنه ارتدى الزي العسكري في مشهد درامي..
وليس من المنطق أن يكتب الشخص وصفة طبية لكونه لبس “بالطو” أبيض بالصدفة، أو نسمي من يتجاوز السيارات بسرعة فائقة في الطرق بأنه بطل فورمولا1، أو من يدخل المطبخ لشرب الماء ولم يشعل الفرن يومًا بأنه “شيف”..
لن يسمح المنتمون إلى تلك المهن أو غيرها أن يقتحم عالمهم طفوليون أو طفوليات، فعلى الفور سيقفون بالمرصاد لهم ويقعون تحت طائلة القانون، ويتعرضون للعقوبة، فكم من مستشفى أغلق لكون ممارسين صحيين تخصصهم “سباكة وكهرباء” في الأصل، وكم من سائق متهور كان يعتقد بأنه شوماخر، كلفه تقمص الدور غرامات باهظة..
كل تلك المهن، لها احترامها وتقديرها ولا يمكن المساس بها، ولكن في الإعلام الأمر مختلف تمامًا..
مصممة أزياء، وهاوية لتصوير صغارها وبعض مقتنياتها المنزلية التي لا تهم إلا الفارغين الذين يتابعون فراغها، يطلق عليها لقب إعلامية في مناسبة، بل الأدهى تصنيفها بأنها الإعلامية الأولى في السعودية وهي لم تمر يومًا من أمام كلية الإعلام أو تدخل مقر صحيفة أو تمارس المهنة..
فكيف نساوي بمن تمسك بالقلم لترسم فستانًا بمن أمضت سنوات في الدراسة والتدريب والخبرة ليكون قلمها سلاحها في الإعلام..
تلك الطفيلية وغيرها من مهرجي ومهرجات وسائل التواصل الاجتماعي يملؤون مقاعد المسارح في المناسبات والفعاليات، بعد منح أنفسهم لقب “إعلامي”، وللأسف بأن المسؤولين عن توجيه الدعوات لهم للحضور والتغطية يدركون بأنه ليس هناك صفة يكتبونها في الدعوة سوى مهنة “الإعلام”، فليس من المنطق أن يمنحوهم لقب “أطباء” أو “معلمين” أو “مطربين” أو حتى “سباكين”، وقتها لن تمر مرور الكرام كما في الإعلام..
سعدنا كثيرًا بوقفة الجهات المختصة الحازمة ضد المهرجين والمهرجات في “السوشال ميديا” ووضع حد لتفاهتهم وقت أزمة كورونا، وارتاحت أجهزتنا الذكية من غبائهم، قبل أن يعودوا من جديد أكثر تفاهة.. وكم نتمنى من وزارة الإعلام وكل الجهات ذات العلاقة أن تحفظ حقوق مهنة الإعلامي ولا يستغلها هؤلاء بمجرد عدم وجود رقابة عليهم أو أنظمة توقف استغلالهم لمهنة المتاعب والحصول على لقبها بسهولة، فليس من العقل الاستمرار في هذا الدور دون إطلاق كلمة “فركش”..