|


سعد المهدي
جدل كرة القدم تدليس وتلبيس (2)
2020-08-16
لن تجد من يقر بأنه على خطأ، ولا من يعترف بأن الخطأ عنده ما تفعله الأضداد، وأنه وخاصته دائمًا على صواب، يمكن قراءة مشهد أنصار النادي على نحو خال من التعقيد، عاطفة تتغذى على ألوان النادي، تستلذ بمتابعة نجومه، وتستمتع بأداء لاعبيه وتسرقهم البهجة والسرور عند انتصاراته، والفخر والمباهاة به عند الحديث عنه أو حوله.
هذا النموذج للمشجع في كل مكان، إنما يكتسب بعض الصفات التي تميزه عن غيره، ومن هنا يبدأ الاختلاف الذي يمكن أن يكون محل السؤال: عن كيف للمشجع في أوروبا غيره في آسيا، أو لِمَ يتباين حال المشجع في أمريكا اللاتينية عنه في إفريقيا؟ هذا السؤال الذي يبدو عاديًّا يتجاهل الاختلاف بينهم، لكنه لا يخفى عليه عندما يكون السؤال عن الفروقات بين تلك المجتمعات، حيث يميز بوضوح أيهم تقدمًا وتطورًا وحرية ومدنية ورفاهية وأمتن اقتصادًا، مع أن تلك تتداخل بالضرورة مع تكوين الفرد ونتاجه، الأمر ليس أن أحدهم أفضل من الآخر، لكن من أجل فهم لماذا ذلك الاختلاف.
كل من حول المشجع في البدء يساهم في تشكيل ذائقته، يسوقه لاختيار اسم ولون يمنحهما عاطفته، وحين يخالط مجاميع ممن يتشابه معهم في المشاعر، يتحول إلى منتمٍ، يذوب في عالمهم، ومع الوقت يؤمن بأفكارهم ويصدق كل ما يصدر عنهم، ويتصدى للدفاع عما يؤذي عاطفته، إلى أن ينتقل لمرحلة مجند معصوب العينين أصم الأذنين، لا يرى أو يسمع إلا ما يرضاه أو يريد أن يصدقه، كل ذلك من غير أن يختلف أو يشط عن ثقافة مجتمعه بمعنى أنها صفات اكتسبها لومه عليها حالة انكار، وتهرب من الحقيقة أكثر من أي شيء آخر.
إلا أن المشكلة أن الأطراف الفاعلة والمؤثرة في مجتمعنا الرياضي أكثر مما يجب، هذا ساهم في تداخل الأدوار، مثلاً المشجع الذي كان يمكن له أن يبقى في مكانه محتفظًا بشحنة العاطفة، بالأفكار السلبية تجاه الغير مصدِّقَ المعلومات المزيفة والأحداث المفبركة، نزل أرض المنافسة بنفوذه، أو انتمائه الرسمي كمسؤول أو حكم أو إعلامي أو موظف، دون أن يتخلص من عاطفته أو يهذبها، لتفسح له أكثر طريق الحق، ما عقد المشهد، وصار عصيًّا على الفهم أو حلحلة مشاكله.
لكن هل نسمح بالاتهام والإقصاء على الميول، أيضًا هذه أشد وطئًا، مهمة الرقابة والحماية جسيمة، لكن لا بد من حملها فهي أمانة... يتبع!!