|


رياض المسلم
صحيفة «الشريان».. وجريش «الحياة»
2020-08-16
بلهجة قصيمية بسيطة يدلف إلى القسم الرياضي في مكتب صحيفة الحياة في الرياض، قادته رائحة “الجريش” و”المرقوق”، وبعد أن أخذ موقعه على سفرة الطعام البلاستيكية وليست “الورقية”، يقول: “الأكل مؤلم”.
هذا الوصف الذي ذكره داود الشريان قوي الإيمان بمهنته وإن كان اختار الضعف لمقاله الشهير في صحيفة “الحياة”، كأسلوب مديح بليغ للأكل الشعبي الذي أحضره أحد الزملاء في القسم الرياضي في عام 1999م، وحينها كان لقائي الأول به الذي كان يترأس مكتب الصحيفة “الراحلة” في السعودية.
وفور خروجه من المكتب لغسل يديه، سمعناه يصرخ غضبًا في وجه أحد الصحافيين السياسيين لـ”تفويته” خبرًا، على الفور تقمص شخصيته المهنية وسمنة الجريش وفلفل المرقوق لا يزال في يده..
في الصحافة لا يمكن أن تكون أفضل من اللبنانيين في نظرهم، ولكنه في ذلك الوقت قارعهم وبرهن بأن هناك صحافيين سعوديين قادرون على كتابة القصة الخبرية وتجويد المادة المنشورة، وقبل ذلك الاحترافية في نقلها ونجح في ذلك.. وقتها الصحيفة كانت تصدر من لندن ومكتبها الأكبر في بيروت قبل أن يطلق مشروع النسخة السعودية في عام 2004 على يد جميل الذيابي..
سيرة داود الشريان تقارب من الـ45 عامًا في الصحافة الورقية وشاشة التلفاز وقبل ذلك المسرح، وهو من رفع من درجة حرارة كرسي المناصب الإعلامية، فكان يخرج الزهر من أشواك المهنة، ويقضي على الظل بإشعال ضوء الحقيقة..
لا يتسع المجال لذكر التاريخ الطويل والعريض للشريان، ولكن جذبني إعلان عودة الإعلامي الكبير إلى الشاشة من جديد من خلال برنامج “تحدي العائلات”، وهو النسخة العربية من البرنامج الأمريكي الذي انطلق في منتصف السبعينيات الميلادية، ومن الصدف أن يقدم الشريان برنامجًا يقارب عمره الإعلامي..
البرنامج في طبيعته ترفيهي، في الوقت الذي اشتهر فيه بحدته في مناقشة قضايا المجتمع، وتشعر بأن طاقم التصوير مستعدون لفك أي اشتباك قد يحصل، “فما دون الحلوق إلا اليدين”..
داود الشريان أسس منهجية أن المذيع التلفزيوني قد يتشكل ويتلون بحسب ما يطرح، وجعل من طاولة الاستديو صحيفة يومية، وكل مرة يطرق بابًا.. فقدم السياسة والاقتصاد والمحليات والفن والمقال والحوار وحتى الرياضة والترفيه، وهي أقسام الصحيفة.. ويبقى معيار النجاح والفشل يخضع لذائقة المتلقين.. ولكن نقف احترامًا لمسيرة الإعلامي الذي تخطى الستين من عمره ولا يزال محافظًا على وهجه، وأحدث نقلات كبرى في الوسط الإعلامي السعودي. تتبعوا بدايات الشريان ومن نجح في التلفاز فستجدوا بأنهم طرقوا باب الصحافة.. “ع الأصل دور”..