|




تركي السهلي
طعمُ المُستديرة
2020-09-07
الشفقةُ كلُّ الشفقةِ لأسرى كراهية النصر، سيموتون كمداً على نحوٍ أكيد. لا انفكاك من الأصفر الطاغي إلا بحُبّه. إنّه سيّد العشق والأوّل الّذي علّمهم كيف يمزجون الألوان ويختارون من تركيبته الفريدة لوحة الحياة.
المُجاهر بكراهيته مجنون وإلا من ذا الذي لا يقف أمام طغيانه كأوراق شجرة استقبلت ريحًا.. التمايل مصيرها والتلاقح عالمها الكبير. كم مرّة قلنا لكم إنّه الخبير.. أبوكم الذي علّمكم أسرار المستقبل.. وجاذبية الماضي.. والمشرق الذي لا مغيب معه.. والمفتول المتلاشية أمامه قوّة التآمر؟! ليتكم تجرّبون انتثاره فوق أرضكم القاحلة لتنعموا بالاخضرار وتستلذون بأطيب الثمر. مساكينٌ أنتم.. لا بِذر لديكم ولا مياه.. الجدبُ مصيركم وهو الدائم في نتاجِ الارتواء.
كم على النصرِ أن يسمعكم معزوفته.. علّكم ترتقون.. ويذهب بكم إلى التهذيب والاكتمال. من كُلِّ ما فيكم يأخذكم الأصفر المُهذّب ويكسوكم بأدق تفاصيل الجمال.. وأنتم لا صوت لكم ولا معنى.. لا وتر لديكم ولا مسرح ولا عازفين.. ولا حتى مُستمع. كونوا متفرجين رجاءً.. ربما ذلك يكون لكم شفيعاً في حضرته.
ما أتعس المُضاد للنصر في زمن التذوّق وانتشار العطور.. ما أكثر العذاب والعالمي الأوّل يرسم بنغمه تقاسيم الآتي.. ويضع إصبعه ولسانه وعينه وأحاسيسه جميعها في خانة الرقص البديع.. كل خطوة لهذا الفارع لوناً ونغماً بمثابة نداء.. من يتجاهله محروم من طعم المُستديرة.
رجلٌ كبيرٌ هذا الخارج من أزقّة العاصمة القديمة.. من يستصغر روحه لا عُمر له ولا حساباتِ دُنياً يمتلك.. ضائعٌ كما كُرة بالية نُسيت في حارةٍ مهجورة.
كامنٌ هذا المُتشكّل من جزيرة العرب بِكُلٍّ مكوّناتها في خارطةٍ ظاهرةٍ على الجغرافيا بأكملها.. من يتجاهل خطوطها لا حدود لديه. لا جواز مرور لكرة القدم السعودية بغير النصر. هو العنوان اللازم وختم الانتصارات الذي من دونه لا قيمة للأوراق ولا مجال للقلم أن يكون ذا شأن. إذا كان للحبر من رائحة فإنه المتكوّن من عبق رحيقه وهو زهرة الكتابة وأساس السرد وحوافر الخيل المطبوعة على ساحة الفرسان الشِداد.
اللابسُ لمعطفِ المُقاتل أمام الحصان الهجين وما عليه من ممتطٍ يُكثِر الالتفات خلفه.. يكون كموج.. يعي جيّداً أن المعاطف لا تحمي الأحصنة ومن عليها، وأن السيف بيده كما لو كان الشراع وحركة بوصلة القبطان. هو كذلك النصر.. زِنادٌ لا يخشى المدفع.. ولا يدور حول ساحة المعركة كعَسَس.. ليس له سوى الرصد. يركض كما تقطع الأيّام المسافات ولا يسأل كم تبقى من الوقت.