|


تركي السهلي
شيخوخة الهلال
2020-09-12
يزحف الهلال نحو شيخوخته ومحبوه غارقون في التمجيد. يلاحقون “الاستثنائي” ولا يستمعون للجرس المُعلّق من المُحب الأزرق عبد الله بن مساعد. يركض النصر كحصان وهُم لا همّ لهم سوى “النشوة” الواصلة إلى ذروتها في نفوسهم ولا أمل في أن يفيق أحد.
تزرع صورة الأصفر الخوف وهي تحتوي الجديد وهم يذرفون الدمع على محمد الشلهوب “البركة الراحلة”. يئن الموجود في العريجاء من انطفاء النور وهم يتنادون حول سراج قديم. يصيح فيهم صائح أن انتبهوا من أعماركم ولا يلتفتون له.. غرقى في مناكفة النصراوي الصامت كفهدٍ سينطلق قريباً لا محالة وسيفترس كل ما سيقع أمامه. الأزرق قصّته الكُبرى محصورة في الإغاظة. وصل مُعدّل الأعمار في الفريق العاصمي الأخير إلى مستوى مُتقدّم ومناصروه يظلمونه بأن يستعملوه كدابة لم يعد لديها حمل على مزيد أثقال. تُفتّش في صغير بين التركيبة الزرقاء فلا تجد سوى ناصر الدوسري. الجميع ينسف الثلاثين خلف عمره ويصل إلى مرحلة العجز الكروي. الإداري الهلالي يطوف الملعب بعد الانتصار يقبّل الجباه المتجعّدة وهو يلهث تعباً. يكتب الكاتب المتقدّم في العمر عنواناً هلالياً: الموج لا يتوقف.. لا يهدأ.. فتعلم أن قلمهم بات غريباً عنهم وهم غرباء عنه. هم فقط يرتوون من مائه المسكوب على الآخرين لهيباً ولا ينتبهون إلى قرب جفاف البئر. العطش مصير “العريجاوي” عمّا قريب.
غرق الهلالي كثيراً في رفض العاصميّ الأكبر منه ومحاولة طرده من مُحيطه دون أن يعي أن الليالي يأتي معها فرسانها، وأن النصر في حلقة الأيّام حقيقة لابد وأن تمثُل.
خلع الأصفر عن ظهره رداء الوهن وأدرك أن الأنسب عمراً والأخفّ وزناً سيكون الأول في السباق، فأظهر ذاته تحت نور الشمس ولم ينزوِ في الظلام. تجاوز المنتصب في حي طويق غرب العاصمة الرياض الممّرات القديمة، وتخلّى في لحظته التاريخية الراهنة عن التمسك بالمقاتلين الهُزال فالتقى سلاحاً جديداً ويافعين شدادًا.
يتحلّق الهلاليون حول نارهم الضعيفة في ليال البرد، يتسامرون مقهقهين على “الاستثنائي” و”العالمية الميّتة” و”نسج الأساطير” والرقص، وفي أيديهم أسلحة مُفكّكة وأرجلهم مليئة بشطوب الزمن. بينما نصرٌ يتحفّز خلف التلال كفارسٍ يرغب في الاستحواذ على كامل المساحة. وسيفعل. سيظهر حتماً في الصبح وسيغنم منهم وهم نيام دونما غدر. ولن يستفيق الأزرق إلا وقد انتهت المعركة.. ألم تقل العرب يوماً: للسنِّ أحكام؟!