|


أحمد الحامد⁩
تدرّب
2020-09-20
كل مستوى يتحسَّن مع الاستمرار في التدرُّب. التدرُّب الذي يتكاسل بعضنا فيه، هو الذي يحافظ على المستوى، بل ويرتقي به أيضًا في أي مجال كان. في المرحلة الابتدائية بدا واضحًا أن مستوى خطي في الكتابة يفرق عن زملائي، ما عدا زميل آخر، كنا نتنافس دومًا مَن منا يكتب بشكل أجمل للحصول على ثناء المعلمين، ومهمة كتابة عبارات الحكم على جدران المدرسة، قبل أن يذهب هذا الزميل في اتجاه، وأسلك أنا اتجاهًا آخر، ونتفرَّق مثلما يتفرَّق طلاب الصف الواحد كلما كبروا.
قبل نحو سبع سنوات تذكَّرت هذا الزميل، وبحثت عن رقم هاتفه، وحصلت عليه. اتصلت به، وعندما سمعت صوته عرَّفته على نفسي، وسألته إن كان قد اهتم بموهبة الخط؟ لم ينتظر طويلًا حتى أرسل أثناء محادثتنا مجموعةً من الصور للوحات خطٍّ بأنواع مختلفة، وقصاصات صحف، نشرت لوحاته. علمت حينها أنه لم يتوقف عن التدرُّب على تعلم الخط العربي، وعندما شعر بأنه في حاجة إلى تعلم المزيد، والكتابة بقواعد الخط، التحق بدورات عدة مختصَّة، حيث تعلم على يد أساتذة مختصين في دول مختلفة. سُعدت كثيرًا بالنتيجة التي وصل إليها، وشعرت بأنه أخذ بشيءٍ من ثأري تجاه موهبتي التي أهملتها، وقلت: إن موهبةً من موهبتين، استطاعت أن تبرز خيرٌ من اختفاء الموهبتين معًا. الحقيقة أنني لم أصبح خطاطًا لأنني لم أتدرَّب، فقد فضَّلت أن أكون كسولًا تجاه موهبتي على أن أكون خطاطًا. في عالم الرياضة، يكون مستوى التدرب هو الفارق بين لاعب وآخر. قال أحد زملاء رونالدو، إنه تناول مع زملاء آخرين طعام الغداء في منزل اللاعب البرتغالي، ليفاجئهم بقوله هيا بنا نتدرَّب في حديقة المنزل على الرغم من كمية الطعام التي أكلوها، وهذا ما يفسر بقاء المستوى العالي لرونالدو مع أنه وصل إلى الـ 35 من عمره. الإنجليزي ديفيد بيكهام كان مختصًّا في تسديد الكرات الثابتة، ولا ينسى الإنجليز الهدف الذي سجله من كرة ثابتة، وأسهم في تأهل المنتخب إلى كأس العالم. لم تكن تلك التسديدة وليدة صدفة، لأن بيكهام كان يتدرَّب على تسديد مئة كرة في كل حصة تدريبية. أتذكَّر أن الزميل حيدر الوتار، رئيس القسم الرياضي في إذاعة “إم بي سي إف إم”، كان حينما يسير بين الإستديوهات يقول: تدربوا، تدربوا، ثم إذا ما لمحني من بعيد، قال بصوت عالٍ: تدرَّب أحمد، تدرَّب. العجيب أن حيدر الوتار كان يقدم النشرة الرياضية دون أن يقرأ من الأوراق، بل كان يرتجلها ارتجالًا دون أن ينسى اسم لاعب، أو أرقام الدقائق التي سُجِّلت فيها الأهداف. عندما سألته كيف يفعل ذلك؟ أجابني: بالتدريب، كل شيء بالتدريب. تدرَّب أحمد!