- للفن حسابات، وهندسة، ومعادلات رياضيّة، ومقاييس، هي من حيث الشكل والبناء شبيهة ومتطابقة تقريبًا مع شبيهاتها خارج الفن، على ذلك بُنِيَتْ عبقريّة الفراهيدي، وبذلك فقط صار يمكن للموسيقى أن تُقرَأ من ورقة!.
- كلّ ما يمكن تدريسه في الفن مبني على حسابات رياضيّة!. الخروج عن هذه المقاييس، معظمه عجز وجهل وقصور، والقليل النادر منه خروج تجاوز ونبوغ، لكن، لا يمكننا الحديث عن أي من الحالتين، العجز أو التجاوز، إلا ومرجعيّتنا الحسابات الرياضيّة التجريديّة!.
- كل ما سبق أُسميه “وزنًا”!. وعليه فإنّ كل “وزن” يمكن تعليمه، فإن فشل الدارس في تعلّمه، فهو فشل يشبه رسوب أي طالب في دروسه، الأمر الذي لا يمكن القول معه بأنّ هذه المواد نفسها لا تُدرّس، بما أن عددًا كبيرًا من الطلّاب ينجح في نفس المواد بنفس الدروس وبالاختبارات ذاتها!.
- هذا فيما يخص “الوزن”، بقي “الميزان” وهو شيء مختلف تمامًا عن “الوزن”، وهو ما لا يمكن تعليمه، وفي هذا، ومن هنا، يفرق الفن عن العلم!.
- وأعني بـ”الميزان” ذلك البناء الداخلي للعمل الفنّي، والذي يحمل روح ورائحة الفنّان نفسه!. دمغة الموهبة!. كل ما لا علاقة له بشروط الحصول على وظيفة!.
- ذلك أن لكل عمل فنّي “ميزانه” الخاص، داخل “وزنه” العام!. ونعم، للميزان الفنّي حساباته أيضًا، وله مقاييسه ومعادلاته، أمّا لماذا لا يمكن تعليمها وتدريسها، فلأن كل عمل فنّي يُنتج هندسته الخاصة بنفسه، لا مسطرة ولا فرجار ولا منقلة أي عمل فني تكون صالحة لأخذ قياسات عمل فنّي آخر!.
- الأمر الذي يعني غياب إمكانية استخدام نفس قواعد وحسابات الفهم والتأمّل والتذوّق الجمالي، لمرّتين حتى في العمل الفنّي الواحد!. لو أمكن ذلك لما بقي في أي عمل عبقري، سرّ خالِد!.
- وفي غياب الأسرار يذبل العمل، ويتجاوزه الزمن. في كل عمل فني عظيم، شيء ما غامض يظلّ واضحًا وجليًّا على الدّوام!.
- لولا ذلك ما ظلّت موناليزا دافنشي معلّقة كلّ هذا الزمن، ولما كانت روايات تولستوي وديستوفسكي تُطبع إلى اليوم!. بل إن كل رواية في الدنيا ستنتهي، وتفقد أي قيمة لها، بمجرّد معرفة نهاية الحكاية، باستثناء أعمال كافكا طبعًا، لأننا في هذه الحالة سنكون بحاجة لمعرفة بداية الحكاية!.
- عليّ أن أعود لأوضّح بدقّة أكبر ما أعنيه بالـ”الوزن”، فالمقصود هنا ليس الإيقاع والرتم فقط، لكني أعني بالوزن الفني، كل ما هو مُسبق القصد مُعلَنه!. مثل أن يكتب شاعر قصيدة غير منقّطة الحروف، أو قصيدة ليس فيها حرف الراء مثلًا، أو قصيدة تُقرأ من الشمال لليمين، كل هذا داخل ضمن “الوزن”!.
- بل أكثر، يمكن لنا اعتبار “الوزن” بهذا المعنى، هو المسؤول عن تصنيف أي عمل فنّي وتحديد نوعه!. عن طريق “الوزن” نقول هذه قصيدة، وهذه رواية، وهذه لوحة فنيّة، وهذه مقطوعة موسيقيّة، في حين تتداخل كل هذه الفنون وغيرها في العمل الفنّي الواحد من خلال “الميزان”، فنرى في القصيدة: لوحة فنيّة بخطوطها وألوانها، وفطنة روائية، وتناغمًا موسيقيًّا!. كما نرى في العمل الروائي ألوانًا متآلفة، وشِعْريّة مرهفة، وعزفًا موسيقيًّا، هذا المزج والدمج والتداخل هو من عمل “الميزان”!.
- الميزان هو وزن الوزن!، وهو ما لا يمكن لي تحديده إلا بالإشارة والتلميح والاستعانة بظاهرة “الحب”!.
- يمكن لأي منّا، تخيّل محبوبه قبل رؤيته، عبر مقاييس “الوزن”!. مهما حاول في هذه الحالة، فإن الذهن لا يمكنه تقديم اقتراحات ولا تخيّلات إلا بناءً على ذاكرة ارتسمت فيها مجموعة من الوجوه والأشكال!. هو هنا يتصرف حسب “الوزن”، لكنه حين يقع في “الحب” حقًّا، فإنه قد ينسف معظم، أو كل، قياساته السابقة، ويبدأ “المحبوب” بحسب حالته وشكله ومواصفاته وطباعه التي هو عليها، بوضع مقاساته وفرضها على قلبه وذوقه!. هذا هو “الميزان”: أن يصير المحبوب مصدرًا للقياسات وليس “مانيكان” لها!.
- في “الميزان” يسكن الجمال!، وتسكن رؤيتنا للجمال!. وتتراجع بهزيمة كاسحة، كل حسابات الوزن وقوانينه الهندسيّة، لدرجة تسمح للخطوط المتوازية بالتلاقي في ألف نقطة ونقطة وتظل مع ذلك متوازية، أو العكس: تسمح لخطوط متقاطعة بعدم التعارض!.
- مثال بسيط:.
يقول جميل بثينة: “يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها... ويحيا إذا فارقتها فيعودُ”!. بيت جميل، عذب، عفيف، ومن أرقى ما قيل في الحب!. نقرؤه، ننتشي به. ثم نروح لمحيي الدين بن عربي، فنقرأ له: “كل شوقٍ يسكُنُ باللقاء، لا يُعَوّل عليه”!. فننتشي أيضًا، ونحس بأنه جميل، عذب، محتدم، ومن أرقى ما قيل في الحب!.
- نحكم على المعنيين من منظور “وزن المعنى” فنجدهما على طرفي نقيض، لا يلتقيان!. نتأمّل فيهما جماليًّا، نتلذّذ، ويهزّنا الابتهاج نفسه، ذلك لأن لكل منهما “ميزانه” الذي وزن به المبدع وزن ما كتب!.
- كلّ ما يمكن تدريسه في الفن مبني على حسابات رياضيّة!. الخروج عن هذه المقاييس، معظمه عجز وجهل وقصور، والقليل النادر منه خروج تجاوز ونبوغ، لكن، لا يمكننا الحديث عن أي من الحالتين، العجز أو التجاوز، إلا ومرجعيّتنا الحسابات الرياضيّة التجريديّة!.
- كل ما سبق أُسميه “وزنًا”!. وعليه فإنّ كل “وزن” يمكن تعليمه، فإن فشل الدارس في تعلّمه، فهو فشل يشبه رسوب أي طالب في دروسه، الأمر الذي لا يمكن القول معه بأنّ هذه المواد نفسها لا تُدرّس، بما أن عددًا كبيرًا من الطلّاب ينجح في نفس المواد بنفس الدروس وبالاختبارات ذاتها!.
- هذا فيما يخص “الوزن”، بقي “الميزان” وهو شيء مختلف تمامًا عن “الوزن”، وهو ما لا يمكن تعليمه، وفي هذا، ومن هنا، يفرق الفن عن العلم!.
- وأعني بـ”الميزان” ذلك البناء الداخلي للعمل الفنّي، والذي يحمل روح ورائحة الفنّان نفسه!. دمغة الموهبة!. كل ما لا علاقة له بشروط الحصول على وظيفة!.
- ذلك أن لكل عمل فنّي “ميزانه” الخاص، داخل “وزنه” العام!. ونعم، للميزان الفنّي حساباته أيضًا، وله مقاييسه ومعادلاته، أمّا لماذا لا يمكن تعليمها وتدريسها، فلأن كل عمل فنّي يُنتج هندسته الخاصة بنفسه، لا مسطرة ولا فرجار ولا منقلة أي عمل فني تكون صالحة لأخذ قياسات عمل فنّي آخر!.
- الأمر الذي يعني غياب إمكانية استخدام نفس قواعد وحسابات الفهم والتأمّل والتذوّق الجمالي، لمرّتين حتى في العمل الفنّي الواحد!. لو أمكن ذلك لما بقي في أي عمل عبقري، سرّ خالِد!.
- وفي غياب الأسرار يذبل العمل، ويتجاوزه الزمن. في كل عمل فني عظيم، شيء ما غامض يظلّ واضحًا وجليًّا على الدّوام!.
- لولا ذلك ما ظلّت موناليزا دافنشي معلّقة كلّ هذا الزمن، ولما كانت روايات تولستوي وديستوفسكي تُطبع إلى اليوم!. بل إن كل رواية في الدنيا ستنتهي، وتفقد أي قيمة لها، بمجرّد معرفة نهاية الحكاية، باستثناء أعمال كافكا طبعًا، لأننا في هذه الحالة سنكون بحاجة لمعرفة بداية الحكاية!.
- عليّ أن أعود لأوضّح بدقّة أكبر ما أعنيه بالـ”الوزن”، فالمقصود هنا ليس الإيقاع والرتم فقط، لكني أعني بالوزن الفني، كل ما هو مُسبق القصد مُعلَنه!. مثل أن يكتب شاعر قصيدة غير منقّطة الحروف، أو قصيدة ليس فيها حرف الراء مثلًا، أو قصيدة تُقرأ من الشمال لليمين، كل هذا داخل ضمن “الوزن”!.
- بل أكثر، يمكن لنا اعتبار “الوزن” بهذا المعنى، هو المسؤول عن تصنيف أي عمل فنّي وتحديد نوعه!. عن طريق “الوزن” نقول هذه قصيدة، وهذه رواية، وهذه لوحة فنيّة، وهذه مقطوعة موسيقيّة، في حين تتداخل كل هذه الفنون وغيرها في العمل الفنّي الواحد من خلال “الميزان”، فنرى في القصيدة: لوحة فنيّة بخطوطها وألوانها، وفطنة روائية، وتناغمًا موسيقيًّا!. كما نرى في العمل الروائي ألوانًا متآلفة، وشِعْريّة مرهفة، وعزفًا موسيقيًّا، هذا المزج والدمج والتداخل هو من عمل “الميزان”!.
- الميزان هو وزن الوزن!، وهو ما لا يمكن لي تحديده إلا بالإشارة والتلميح والاستعانة بظاهرة “الحب”!.
- يمكن لأي منّا، تخيّل محبوبه قبل رؤيته، عبر مقاييس “الوزن”!. مهما حاول في هذه الحالة، فإن الذهن لا يمكنه تقديم اقتراحات ولا تخيّلات إلا بناءً على ذاكرة ارتسمت فيها مجموعة من الوجوه والأشكال!. هو هنا يتصرف حسب “الوزن”، لكنه حين يقع في “الحب” حقًّا، فإنه قد ينسف معظم، أو كل، قياساته السابقة، ويبدأ “المحبوب” بحسب حالته وشكله ومواصفاته وطباعه التي هو عليها، بوضع مقاساته وفرضها على قلبه وذوقه!. هذا هو “الميزان”: أن يصير المحبوب مصدرًا للقياسات وليس “مانيكان” لها!.
- في “الميزان” يسكن الجمال!، وتسكن رؤيتنا للجمال!. وتتراجع بهزيمة كاسحة، كل حسابات الوزن وقوانينه الهندسيّة، لدرجة تسمح للخطوط المتوازية بالتلاقي في ألف نقطة ونقطة وتظل مع ذلك متوازية، أو العكس: تسمح لخطوط متقاطعة بعدم التعارض!.
- مثال بسيط:.
يقول جميل بثينة: “يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها... ويحيا إذا فارقتها فيعودُ”!. بيت جميل، عذب، عفيف، ومن أرقى ما قيل في الحب!. نقرؤه، ننتشي به. ثم نروح لمحيي الدين بن عربي، فنقرأ له: “كل شوقٍ يسكُنُ باللقاء، لا يُعَوّل عليه”!. فننتشي أيضًا، ونحس بأنه جميل، عذب، محتدم، ومن أرقى ما قيل في الحب!.
- نحكم على المعنيين من منظور “وزن المعنى” فنجدهما على طرفي نقيض، لا يلتقيان!. نتأمّل فيهما جماليًّا، نتلذّذ، ويهزّنا الابتهاج نفسه، ذلك لأن لكل منهما “ميزانه” الذي وزن به المبدع وزن ما كتب!.