|


رياض المسلم
موروث الإبل وثقافة الصحافيين
2020-10-26
في تجاذب لأطراف الحديث، جمع أحد الزملاء الصحافيين السعوديين بزميل مهنة من القارة العجوز في مناسبة رياضية، سأله الأخير عن أبرز إنجازات الأندية الرياضية والمنتخب و و و، فظهر كالأسد في إجاباته، قبل أن يلجمه الصحافي الأوروبي بسؤاله عن “مزاين الإبل”، حينها تلعثم صاحبنا..
ذلك المشهد يتكرر مع الكثير من الصحافيين وليس صديقي فحسب، فلا يتكلفون عناء القراءة والاطلاع وتثقيف أنفسهم بمنافسات باتت تشكل أهمية كبرى عالميًّا، وتصدر موروثًا إلى الخارج، وتأتي “مزاين الإبل” في مقدمتها ليوصلوه بشكل متقن إلى العالم، فكل بلد يتغنى شعبه بموروث تناقلوه عن الأجداد ويعتزون به، فأضحى هوية متأصلة لدى الجميع وليس على فئة معينة..
كتب رئيس مجلس نادي الإبل فهد بن حثلين تغريدة جاء فيها: “أشكر أخي عمير القحطاني مالك منقية مضيمات على مبادرته بإهداء المبدع أسامة الدغيري وهو مؤثر ومحترف على مستوى العالم في تربية الحيوانات، والذي أعلن دخوله في عالم الإبل، أعلن تقديم هدية عبارة عن 10 من الإبل الوضح وننتظر منه تعريف موروثنا للغرب بأبهى صورة”..
لم يجذبني الإهداء والقيمة المالية للإبل، وضرب أخماس بأسداس فهذا رزق ساقه سبحانه للشخص المؤثر، ولكن ما استوقفني هو الهدف من إيصال موروثنا الأصيل إلى الغرب..
قبل سنوات بعيدة كان حضور المزاين مقتصرًا على اجتهادات من قبل بعضهم الذين تحولوا فيما بعد إلى معلمين لمادة الإبل، ليثقفوا البقية حول أنواعها وأحجامها وجمالها وألوانها..
وبعد أن أخذت الإبل الصبغة الرسمية، وتحولت إلى مهرجان يحمل اسم مؤسس البلاد المغفور له، فدخلت معها موسوعة جينيس، بدأت بعض وسائل الإعلام تتفاعل وتفرّغ أهلها للمشاركة بعد أن تركوا تلقين الدروس، ولكن لا يزال هناك الكثير من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين والعامة بعيدين عن الاطلاع على هذا الموروث، الذي يشكل هوية تراثية، ولاسيما بعد النجاحات المتكررة في المهرجان ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومتابعة وإشراف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
القائمون على نادي الإبل عملوا على ترسيخ الموروث عالميًّا من خلال تدشين المنظمة الدولية للإبل، فكانت الرياض مقرًّا لها وتضم 96 دولة، فأسهمت في إيصال موروثنا إلى الغرب، وجاء اعتراف اليونسكو بالإبل كموروث عالمي غير مادي، إنجازًا كبيرًا لوصول الموروث إلى العالمية..
الاهتمام بموروث الإبل لا يقتصر على عشاقه بل الجميع من أبناء هذا الوطن عليهم أن يعتزوا بهذا المنجز ويتعرفوا عليه ويثقفوا أنفسهم، فهم سفراء وطنهم داخله وخارجه، والأمر يتضاعف لدى الزملاء الصحافيين..