|


تركي السهلي
القوى التصويتية
2020-10-31
في أندية متقدّمة من حيث الإدارة والاستثمار كما في ألمانيا، يتم التفريق بين القوة التصويتية والملكية الكاملة، فالشركات لا يمكن أن تتحكم بالقرار حتى لو امتلكت الأغلبية من الأسهم، وتُرك للجمهور التدخل والتأثير وإبداء الموقف من ناحية قانونية تنظيمية، فأصبح للمُشجّع مناخ يحتضنه بعيداً عن الغوغائية وفوضى المؤازرة.
وهذا فهم عميق جداً لتوزيع الأدوار بين أطراف اللعبة وكيفية وضع المال في طريق الربحية لا مسار القيادة والتحكّم، لأن الفرد الواحد من العامّة المُحب لناديه المساهم بماله سيعرف كيف يُعبّر بالطريقة الصحيحة، وكيف يتحرّك في صناعة القرار الداخلي دون أن يذهب إلى الصراخ والشتم وصب جام الغضب على كل من يعبر أمامه سواء في الملعب أو المقهى أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وتحييد الجماهير وجعلها في زاوية الاستهلاك الدائم منهج خاطئ لا شك يؤدي إلى نقصان المعادلة واختلالها. كما أن إبقاءها بعيدة عن المشاركة السليمة يجلب نتائج كارثية على مستوى تطوّر اللعبة واستيعاب قوانينها ونمو ممارستها ونجاح تفاعلاتها.
ونحن في السعودية بعيدون عن ذلك فلم نستوعب الجمهور ونأخذه معنا إلى منطقة التفاعل المباشر، وما زلنا نتعامل معه كأداة يمكن توظيفها في بناء الرأي العام وملء الملاعب فقط، لا في مجال امتلاكه قراره وشعوره بقوّته الحقيقية لا الواهمة. كما أن الأمر ينطبق على الإعلام الرياضي، فبدون انتخابات وأصوات وكُتل وتمثيل فاعل سنظلّ نعتبره مجرّد أداة هو الآخر.
والمشاهد للوضع يجد أننا كثيراً ما نُطلق نداءات الحضور لامتلاء المدرّجات سواء في مباريات الأندية أو المنتخبات والصحافة هي من يتولّى ذلك، في دور ليس دورها ثم نتفاجأ بخلوّ الملعب رغم احتدام المنافسة أحياناً وطغيان البرود على كامل المشهد عكس السخونة الظاهرة. ومن هُنا لا بدّ من التمعّن في الأمر وإيجاد خطوات أكثر عصرية وابتكارًا حتى نخرج من هذا الإطار الضيّق غير المناسب لأعدادنا الكبيرة ولجهدنا المبذول لإيجاد جاذبية لمنافساتنا.
أظن أن علينا الذهاب وعلى نحو فوري إلى دمج الجماهير كعنصر أساس لا ثانوي، ومنحه أحقيّة امتلاك أصوات بناءً على لوائح جديدة لا تُشبه لائحة انتخابات الأندية المعمول بها الآن، والتي يعتريها كثير من النقص والضعف في البناء الكٌلّي.
إن طريقنا نحو التخصيص طويل ويحتاج إلى نقاط أوليّة لا يمكن إغفالها تستوعب الأطراف وتُشركها جميعها، وتتيح للفرد العادي أن يكون ذا رأي في ناديه لا هاتفاً محدوداً بسيطاً يسهل جرّه إلى مساحات عدم الإدراك والتضليل.