|


رياض المسلم
وزير لابس «شورت»
2020-11-18
في فترة الثمانينيات الميلادية، عندما هممنا إلى تأدية الصلاة في مصلى قريب من الحارة، فإذا بصديق ينسحب من الصف خلسة ولم يعد، فتوقعنا أنه نسي الوضوء لكنه نفى ذلك، فدبّت الحيرة فينا، فأشار إلى بنطاله وكان يرتدي “الجينز”، طلبنا منه أن يأخذ “برمة” واثنتين لعل هناك صورة أو عارضًا يمنعه من أداء الصلاة فلم نجد شيئًا، فوفّر علينا حيرتنا عندما قال بإنه سمع أن الصلاة لا تجوز لمن يلبس الجينز..
هناك أعراف لا نعرف من وضعها أو رسّخها في أذهاننا، ولكن اعتدنا عليها فأضحت من المسلمات التي لا تمس، فلم تدخل في دين أو نظام، ومن يخالفها يتبع قاعدة: “قال من أمرك، قاله من نهاني”..
من ضمنها أن المسؤول الكبير يفترض ألا يضحك وأن شخصيته الحقيقية محرّم ظهورها، فالكثير من الوزراء والمسؤولين كان حلمًا بالنسبة لنا معرفة لون شعرهم، أو ظهورهم بملابس رياضية، فبنى من وضع تلك القواعد “الهشّة” جدارًا بيننا لحين أصابه الصدع عبر الزمن فلم تتحمل تطوره..
ظهور معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه وهو بملابس رياضية أو دون ارتداء الشماغ، ويتحدث إلى المهتمين، تأتي في إطار شخصيته البسيطة التي لم تخضع للقوانين “المتعارف عليها”..
استوقفني انتقاد أحدهم لأسلوب المستشار في اللبس، عندما ارتدى في مرة قميصًا رياضيًّا و”شورت” بعد فراغه من تدريب أو ما شابه، فقال: “ما فيه وزير يلبس كذا”، سألته هل هناك قاعدة تنص على تحريم لبس الوزير ملابس رياضية، فأجاب: “هذا اللي عرفناه”!..
هل يعقل أن يتدرب الشخص مرتديًا “الجزمة” أو “الزبيرية” ليرضي الناس أو يكون في كامل أناقته وهو في مكانه الخاص، هذا يذكرني بمن طالب المدربين الوطنيين بارتداء الثياب في الدكة، أعتقد أنه من الممكن أن يُلبَّى طلبه شريطة أن يرفع المدرب الثوب طيلة المباراة ويعض على الشماغ..
شخصية المستشار تركي آل الشيخ لن يفسرها شخص أفضل منه عندما قال في حواره “التويتري” مع الزميل بتال القوس: “أنا إنسان عفوي وهذه مشكلة بعضهم يفسرها بجاحة، ولكن اللي على قلبي على لساني لا تلوموني ولا تقولوا وزير كيف يسوي كذا، أنا قبل ما أكون وزير أنا إنسان، أمر بمراحل صعود وهبوط، أتمنى تقدرون هذا”..
لست هنا أدافع عن رئيس هيئة الترفيه فلكل شخص حريته في ملابسه، و”يأكل ما يشتهي ويلبس أيضًا ما يعجبه”، والحكم على الأشخاص يكون من خلال العمل وليس اللبس أو طريقة الكلام والظهور، طالما أنه لم يتخط الحدود المسموح بها والذوق العام..
علينا أن نترك التدقيق في الهوامش، ونركّز في الأفعال والإنجازات..