|


فهد عافت
اضحك!
2020-12-09
- غالبيّة المرضى، على الأسِرّة، لا يضحكون لأنهم لا يقدرون على ذلك، فالضّحك قد يؤذيهم ويتسبّب لهم بمضاعفة التعب والإرهاق.
المرضى لا يضحكون، لكن الذين لا يضحكون مرضى أو سيمرضون!. خاصةً أولئك الذي يحسبون أنّ الضّحك قد يؤذيهم، أو يتسبب لهم بقلّة الهيبة والوقار أو أي متاعب أُخرى!.
- احرص على أن يكون لك أصدقاء مرحون. ليس بالضرورة أن يكون كل أصدقائك من أهل خفّة الظِّل، لكن من المهم، فيما أظن، أن يكون لك من بينهم صديقان أو ثلاثة فكِهِين ويتمتّعون حقًّا بالفطنة اللازمة للقفشات الضاحكة!.
للمُصاحَبة: ليس أطيب من ظريف عفيف!.
- ليست المسألة مقصورة على الأصدقاء. في قراءة الكتب، روّح عن نفسك بين فترة وأُخرى بكتب مرحة، واقرأ لكُتّاب حبرهم خفيف!. ومهما كنت مهتمًّا بسينما الفكر والتأمّلات العميقة، لا تحرم نفسك من مشاهدة بعض الأفلام الطريفة المصنوعة للتّسلية العابرة!. وكذلك الأمر بالنسبة للأغنية!. الرسم، وهو الرّسم، اخترع الكاريكاتير كي لا تمتنع هذه الفضيلة عنه!.
- يؤكّد العلماء، ولا تسألني عن أسمائهم لأني قرأت المعلومة هكذا: يؤكد العلماء حاجة الإنسان إلى ثلاثين دقيقة على الأقل من الضّحك موزَّعَة على اليوم الواحد!.
- فرِّق فقط بين أن يضحك الناس منك أو يضحكون عليك!. من يعرض نفسه ويرضى أن يضحك الناس عليه، قليل شيمة!. حتّى إنْ لم تظهر لك منه خصلة سوء، ففيه من السوء خِصَال!. والصحبة مُعْدِيَة. لا تصاحب، ولا تحرص أبدًا على مجالسة، هذه النّوعيّة من الناس!.
- كل من يعرفني ويعرف “عبد الله محمد الرويلي” يعرف أمرين: عمق الصداقة بيننا، وخفّة ظلّ “أبو محمّد”!. لكني أذكر حكاية عجيبة: كنّا في ضيافة شخصيّة كبيرة، ذات مقام. في تلك الليلة بدا “عبد الله” رزينًا حدّ الثُّقل!. وعندما خرجنا، سألته فقال لي: “خشيت أنْ أُحسب من المهرّجين، وعندما تكون في وضع لا حلّ لك فيه ولا معه إلا أن تكون مهرّجًا أو ثقيل دم، اختر الثّانية”!. درس عظيم!.
- لا أدري لماذا تمسّك العرب بحكاية: “ولكنه ضحك كالبُكا”، وطغوا في الميزان لصالحها ضد: “ولكنه بكاء كالضحك”!.
عام 1914، احترقت معامل أديسون في مدينة “نيوجرسي”. في ساعات قليلة فَقَدَ آلات ومُعِدّات بالملايين، ومعلومات ودراسات وأفكار علميّة قضى عمره كله بحثًا عنها وتجميعًا لها!. يقول ابنه “تشارلز”: ظل أبي يتأمّل النيران في هدوء، حَسِبنا أنه سيموت من الكارثة، لكنه في صباح اليوم التالي نظر إلى عيني أمّي وقال لنا: “كارثة لا تخلو من نفع!. التهم الحريق جهدي ومالي، ولكنه خلّصني من أخطائي أيضًا!. حمدًا لله، نستطيع الآن أن نبدأ من جديد بلا أخطاء”!.
- ليست طريفة بما يكفي؟! حسنًا، أعتذر، وأحكي قصة ثانية: كان الشاعر كامل الشناوي أحد أعظم ظرفاء مصر في وقته، وربما في كل وقت. كانت لديه قدرة عجيبة في تقليد الأصوات!. من يُصدِّق أنّ هاتين الموهبتين: الطرافة وتقليد الأصوات، أسهمتا في أشهر المعارك الأدبيّة في الأربعينيات، وأثْرَتا الساحة بحماس أدبي ومنافسة رائعة بين أهم أديبين، بل وكشفت عن نفاد صبرهما!.
- اشتهى كامل الشناوي تحريك الساحة، رفع سمّاعة الهاتف واتصل بعبّاس محمود العقّاد، مُقلِّدًا صوت و”أسلوب” طه حسين!. وراح ينقده ويقلّل من قيمة آرائه!. أغلق الهاتف واتصل بطه حسين، مُقلِّدًا صوت و”أسلوب” العقّاد، وراح ينتقده ويقلّل من قيمته وقيمة مقالاته وآرائه!. أشعلت هذه المحادثات الهاتفيّة حراكًا ثقافيًّا غاضبًا في الصحف لفترة، بنيران تحدٍّ فكري رفيع!. أضحك مصر وأمتعها وأفادها، إلى أن كشف الصحفي الكبير محمد التّابعي اللعبة، فهدأت الأنفُس... قليلًا!.