|


فهد عافت
حماقات اللُّوفَر الخالدة!
2021-03-05
-”بلكونة” الجمعة مقتطفات من كتاب، أو من مجموعة كتب، اليوم نلتقي بخمسة مقاطع من خمسة كتب. ليس لي من المقالة غير العناوين الفرعيّة القصيرة، وعلامات تعجّبٍ، وبعض تقويسات!، وقفزات صغيرة حذرة!،..:
• حماقات اللّوفر الخالِدَة:
“من “اليوميّات” لشارل بودلير. ترجمة آدم فتحي. منشورات الجمل”:
-أغبياء البورجوازيّة الذين يتشدّقون باستمرار بكلمات مثل “لا أخلاقيّ”، “لا أخلاقيّة”، “الأخلاق في الفنّ”، وغيرها من الحماقات، يذكّرونني بـ”لويز فيلديو”، مُومِس بخمسة فرنكات، رافقتني يومًا في زيارة إلى اللّوفر، وكانت تلك أوّل مرّة تزور فيها هذا المتحف، فاحمرّ وجهها وأخذَتْ تُغطّيه بكفّيها وتجذبني من كُمّ السُّترة، متسائلةً أمام اللّوحات الخالدة: كيف أمْكَنَ عرض كلّ هذه العَوْرَات على العُموم؟!
•طريقة للتّعلّم:
“من “الزِّنْ في فنّ الكتابة” لراي برادبيري. مجموعة من المترجمين “المقطع المُنتقى هنا ترجمة جهاد الشبيني”. الدار العربية للعلوم ناشرون. مشروع مكتبة تكوين للكتابة الإبداعيّة”:
-..، شاهدتُ كلّ الأفلام السّيّئة أيضًا. ولكن هذا أمر جيّد. إنها طريقة للتّعلّم. يجب أن تتعلّم الطريقة التي لا ينبغي لك أن تفعل بها الأشياء!. مُشاهدة الأفلام الممتازة فقط لا تُعلّمكَ على الإطلاق!، لأنّها بمثابَة ألغاز. الفيلم العظيم لغز لا تُوجَد طريقة لحلّه!. لماذا ينجح فيلم “المواطن كين”؟ إنّه ينجح وحسْب!، إنّه رائع على كلّ المستويات، وليس ثمّةَ طريقة تضع بها يدك على شيء صحيح في الفيلم، لقد كان كلّ شيء صحيحًا!، بينما الفيلم السّيّئ تتضّح مساوئه على الفور، ويمكن له أنْ يُعلّمك أكثر!، فستظلّ تقول “لن أفعل هذا أبدًا، ولا هذا، ولا ذاك” أثناء مشاهدتك للفيلم!.
•القراءة المُدَمِّرَة:
“من “هذا هو الإنسان” لفريدريش نيتشه. ترجمة علي مصباح. منشورات الجمل”:
-إنّ العالِم يُنفق كليّة طاقاته في مقولات الـ: “نعم” و”لا”، ضمن نقد ما فكّر به غيره!، أمّا هو فإنّه لم يَعُد يُفكّر!،...، لقد رأيتُ ذلك بعينيّ: كم من الأشخاص الموهوبين، ذوي مؤهّلات ثريّة وتكوينةٍ حُرّة، قد دمّرتهم القراءة!، فغدوا وهُم في الثلاثينيّات من عمرهم، عبارة عن مجرّد أعواد ثُقاب، لا بُدَّ من فَرْكها كيما تُحدِثُ شَرَرًا، تنطق بفكرة!. أنْ يقرأ المرءُ كتابًا، في الصّباح الباكر، عند طلوع النهار، في لحظة الطّراوة والتّوهّج الصّباحيّ لطاقاته!، ذلك ما أُسمّيه فسادًا ورذيلة!.
•متاعب عبقريّة:
“من “رامبو وزمن القَتَلَة” لهنري ميللر. ترجمة سعدي يوسف. منشورات الجمل”:
-كلّ امرئٍ له متاعبه، سواءً كان عبقريًّا أم لا!،...، ولا يُقدِّر أحد هذه الحقيقة أكثر من العبقريّ. بين الحين والآخَر ترى العبقريّ يتقدّم بخطّة لإنقاذ العالَم، أو وسيلة لتجديده، في الأقلّ. ولا تُقابَل هذه إلّا بالهزأ: ... دعهُ يعُوم بَحْره أولًا!، كيف له أنْ يُنقذ الآخرين إنْ كان عاجزًا عن إنقاذ نفسه؟! الجواب الكلاسيكي، جواب لا يدحض. لكن العبقريّ لن يتعلّم، ألبتّة!. فلقد وُلِدَ مع حلم الفردوس، ومهما كان هذا الحلم مخبولًا، فإنّه سيناضِل من أجل تحقيق هذا الحلم، مرّةً إثْرَ مرَّة. إنّه غير قابِل للإصلاح!، نزّاع إلى الانتكاس، بكلّ معنى الكلمة. إنّه يفهم الماضي، ويُعانق المستقبل. لكن الحاضر لا يعني شيئًا له!. والنّجاح لا يُغريه!. والمكافآت يرفضها، وكلّ الفُرَص!. وهو ساخط. لا يُفيدك شيئًا حتّى لو تقبّلتَ عمله!. فهو مشغول بعمل آخر!. لقد تحوّل توجّهه، واستدارت حماسته إلى ناحيةٍ أُخرى!.
•ماهيّة الفنّ:
“من رواية “طوق الحمام” لرجاء عالم. المركز الثقافي العربي”:
-..، بينما أكمَلَتْ مدام ميرانو التّسعينيّة: “أنا أيضًا جئتُ من خلفيّة غجريّة، وترحال، وتعلّمتُ أنّ الفنون بأنواعها يُمكِن أن تُؤَمِّن لنا الأرض!. الفنّ مثل كوكب يمنحنا مُوَاطَنَته ويوثقنا بأوراق خارج الدُّوَل!”.
شَعُرَتْ نُورة بنفسها عارية، إذ بقدر ما تأمّلتْ تلك المرأة في لوحاتها، بقدر ما كَشَفَتْ من حياتها الباطنيّة التي لا تجرؤ هي نفسها على مواجهتها: “لكنني لا أملكُ المعرفة لإنتاج ما يُوازي هذا الفنّ...” فاجأتْها تلك الكلمة التي نطقتْها، “الفنّ لم يأتِني عن دراسة.. رسمتُ هذا..” متحسّسة لخطوطها، “لحاجةٍ لدفع الجدران بعيدًا... لإفساح المكان... ولموازَنَة المكان”!.
“ربّما عبارتُكِ هذه هي أجمل ما سمعتُ عن ماهيّة الفنّ: فتح المكان على ما لا حَدّ له من الأمكنة في الوعي الكُلّي الخلّاق!، وربّما هذه الحاجة، هي نفس دوافع الشعوب البدائيّة والأطفال لخَلْق فنون تَرَكَتْ ولا تزال بصمتها على المُنجَز البشريّ. بيكاسّو بعد ما حقّقه من شهرة قال: أتمنّى لو أرجع لأرسم كطفل”!.