العالم كلّه احتفل بيوم المرأة أمس، وظهرت على السطح قصص ناجحات ومثابرات، لكنّ الرواية لم تحفظ لنساء عظيمات قصصهن الخالدة. في منتصف الأربعينيات الميلادية كانت نجد مفتوحة على الأرض ومرتبطة بالبيئة الاجتماعية والتنوّع لا مانع له.
وفيها لاحقت “ظبية بنت صهيب” نوقها وتحوّلات الحياة من الخيمة إلى الريف. كانت البدوية نشأةً مثل بنات جيلها مسكونة بالريح والبرق والظلّ وليال الشتاء والشمس الحارقة. لم يكنّ يحدّها حدود ولا خوف يطاردها. تمتطي بعيرها كل نهار خلف الإبل وفي يدها خنجر ووجهها مفتوح على الدنيا ولا تعود إلا وقد نام الطريق والتحف الصمت الأرجاء واستيقظ الذئب من الجبال ونزل نحو الآثار ورائحة الدسم والدم.
حينما ظهرت ملامح الاستقرار الحضري وسط الجزيرة منتصف الخمسينيات الميلادية، سكنت “بنت صهيب” الريف فتخلّت عن بعيرها ومسكت مقود السيارة وتجاوزت كل الأعين الرافضة. في الطرف الشرقي نحو بحر الخليج كانت تشبهها “بخّوت” الآتية من الرمل إلى الشاطئ، التي تقول: حنّ قلبي حن ماكٍ على سمر العجل.. عشّق السواق والدرب ممسوكٍ وراه.
تماهت “ظبية” مع تفاصيل القرية وأصبحت أمًّا وتاجرة ومألوفة أمام رجال لم يطالبوها يوماً بـ”رخصة”. كانت تقطع الطريق بين بيتها وسوق البلدة مثلما كانت تلاحق نوقها.
وفي ركن آخر، كانت “هيا” تقرأ التغيّر الطارئ على الناس مرحلة السبعينيات الميلادية والتقطت لحظتها التاريخية واتجهت نحو المال وصعدت كما يصعد برميل النفط. كوّنت “هيّه” علاقاتها ورسمت رحلتها وتخصصت في القماش والعطر ولباس الكبيرات وحلوى الصغيرات، وأصبحت “سيّدة أعمال” لا تعلم عنها “فوربس” شيئًا. الآن تملك العقارات والعباءات دون أن تبتسم لعدسات المصوّرين.
كم من قصة عظيمة دوّنتها امرأة.. كم رحلة طويلة سكنها الوضوح وغاب عنها الناشر.. كم من عقل أنثوي لا غطاء عليه ولا حاجب. تحيّة لكل من ركضت بتفاصيلها وأحيت الخُطى ورافقت النجوم وتجمّلت دون مرآة.. المجد لكل “ظبية” و”هيا” وسيدات “البقل” و”الديرم”.. المتزيّنات بـ”الشمطري”.. الراقصات في المرعى.. الحاملات لأسس القوّة وفي أيديهن يلمع العناء والحنّاء.. المقبلات على الحياة في زمن “التجاذب الفكري” وهنّ أكبر من طرح وشرح وأسوار وأضواء وخلاخل مسجونة في الأقدام الغضّة. وداعاً لكل السيّدات اللاتي أعطين للصامتات قيمة الحركة وحركة الكلام ومعنى المقود في عصر غياب “الهودج”.
وفيها لاحقت “ظبية بنت صهيب” نوقها وتحوّلات الحياة من الخيمة إلى الريف. كانت البدوية نشأةً مثل بنات جيلها مسكونة بالريح والبرق والظلّ وليال الشتاء والشمس الحارقة. لم يكنّ يحدّها حدود ولا خوف يطاردها. تمتطي بعيرها كل نهار خلف الإبل وفي يدها خنجر ووجهها مفتوح على الدنيا ولا تعود إلا وقد نام الطريق والتحف الصمت الأرجاء واستيقظ الذئب من الجبال ونزل نحو الآثار ورائحة الدسم والدم.
حينما ظهرت ملامح الاستقرار الحضري وسط الجزيرة منتصف الخمسينيات الميلادية، سكنت “بنت صهيب” الريف فتخلّت عن بعيرها ومسكت مقود السيارة وتجاوزت كل الأعين الرافضة. في الطرف الشرقي نحو بحر الخليج كانت تشبهها “بخّوت” الآتية من الرمل إلى الشاطئ، التي تقول: حنّ قلبي حن ماكٍ على سمر العجل.. عشّق السواق والدرب ممسوكٍ وراه.
تماهت “ظبية” مع تفاصيل القرية وأصبحت أمًّا وتاجرة ومألوفة أمام رجال لم يطالبوها يوماً بـ”رخصة”. كانت تقطع الطريق بين بيتها وسوق البلدة مثلما كانت تلاحق نوقها.
وفي ركن آخر، كانت “هيا” تقرأ التغيّر الطارئ على الناس مرحلة السبعينيات الميلادية والتقطت لحظتها التاريخية واتجهت نحو المال وصعدت كما يصعد برميل النفط. كوّنت “هيّه” علاقاتها ورسمت رحلتها وتخصصت في القماش والعطر ولباس الكبيرات وحلوى الصغيرات، وأصبحت “سيّدة أعمال” لا تعلم عنها “فوربس” شيئًا. الآن تملك العقارات والعباءات دون أن تبتسم لعدسات المصوّرين.
كم من قصة عظيمة دوّنتها امرأة.. كم رحلة طويلة سكنها الوضوح وغاب عنها الناشر.. كم من عقل أنثوي لا غطاء عليه ولا حاجب. تحيّة لكل من ركضت بتفاصيلها وأحيت الخُطى ورافقت النجوم وتجمّلت دون مرآة.. المجد لكل “ظبية” و”هيا” وسيدات “البقل” و”الديرم”.. المتزيّنات بـ”الشمطري”.. الراقصات في المرعى.. الحاملات لأسس القوّة وفي أيديهن يلمع العناء والحنّاء.. المقبلات على الحياة في زمن “التجاذب الفكري” وهنّ أكبر من طرح وشرح وأسوار وأضواء وخلاخل مسجونة في الأقدام الغضّة. وداعاً لكل السيّدات اللاتي أعطين للصامتات قيمة الحركة وحركة الكلام ومعنى المقود في عصر غياب “الهودج”.