|


تركي السهلي
فيصل بن عبد الرحمن
2021-03-29
بين مجموعة قصور متلاصقة في حي الشميسي وسط الرياض.. تشكّل فيصل بن عبد الرحمن بن سعود. كان شارع عسير من أوّله نقطة انطلاق للصغير الذي كان يلمع ذكاءً. بدءًا من الخامس من نوفمبر 1963م، عاش فيصل أولى مراحله في دفء كبير بين والده وأعمامه. كان النصر حاضرًا في القصور وكانت الباحات مفتوحة على بعضها البعض والمجالس والشخوص. كان ابن الرجل الطاغي حضوره في أحياء العاصمة في خطوات أبيه، لكن بيت عمّه “ممدوح” كان مسرحًا مفتوحًا يقصده كُل ليلة وفيه يرى عروض الوجوه الآتية من “الملعب” والحاملة على أكتافها شهرة الركض القديم والقمصان الصفراء فوقهم كأنها وشاح لا لمع بعده ولا بريق.
بالقرب من البيوت وفي شارع الخزّان تحديدًا كان هناك مقرّ نادي النصر الظاهر قبل ميلاد فيصل بنحو عقد من الزمان، فكان ينام ليلةً في الغرف الكبيرة وليال طويلة يغط بالسبات في “حوش” النصر أو على سطح مبناه. كان يشرب الماء يومًا من صنابير القصر ويومًا آخر يروي عطشه من الحنفية الصفراء. قضى الثالث في الترتيب من أبناء عبد الرحمن بن سعود عمره في وجود النصر ولم يغب عنه حتى اليوم.
سكنت الأماكن فيصل كثيرًا فأخذته ممرّات معهد العاصمة النموذجي ومدارس الرياض في “عليشة” لكنّ “الشميسي” كان الامتداد الذي لا ينقطع والمسيرة التي لا يمكن محوها حتى وإن حضرت “باريس” في حياته لاحقًا.
في فرنسا، حيث النور والعطور والمقاهي والمتاحف قصدت أقدام الأمير حي “سان جيرمان”، كان ذلك منتصف الثمانينيات الميلادية، وهناك عقد صداقة كبيرة مع مقهى “3 أميغوس”. كان فيصل ما يلبث أن ينهي واجباته اليومية كطالب في معهد يدرّس السياسة والاقتصاد ويتبع لجامعة السوربون العريقة، حتى يتجه إلى مقر سكنه وهناك يخطف الهاتف ليطمئن على الأصوات الهاتفة للنصر.. يتابع تفاصيل الأصفر ومنافساته ونقاطه ولاعبيه وجماهيره، ثم يحمل ابتسامته على وجهه ويذهب إلى مقهاه.. هُناك كان يتأمّل الوجوه وفي مخيّلته السحنات القاطنة شارع الخزان.. كانت كُل رشفة من كوب القهوة بمثابة نداء حنين إلى تفاصيل “الشميسي” والمقر الجديد لمعشوقه في حي “طويق” أقصى غرب الرياض.
حينما عاد الأمير فيصل بن عبد الرحمن اتجه نحو المقر الأصفر لا القصر.. داعب الكُرة وبدأ قصّة جديدة.. أصبح العاشق رئيسًا وفاز.. فاز كثيرًا.