انتهت الانتخابات في البيت النصراوي بوصول مسلّي آل معمّر إلى رئاسة الكرسي الأشهر والأكثر قلقًا. طوى الأصفر صفحته القديمة واستقبل الجديد. ومع المباركات الواردة من المستشار تركي آل الشيخ العامل لديه مسلّي في هيئة الترفيه قبل القبول بالمهمّة الصفراء، وغبطة وزارة الرياضة وتسييرها للأمور دون تعقيد، تولد مرحلة مختلفة في النصر.
سقط المُضلَّل ومات. ظهر الوضوح وغاب الغموض. ارتفعت الراية الواحدة واختفت رايات كثيرة كانت تنشط في مناخ الفوضى، وزمن التيه، والدفع باتجاه الوهم، والتغذية على الأجواء العكرة. العالمي الكبير يتنفّس أخيرًا والغبار يتطاير إلى البعيد من السماء.
كان نادي البسطاء والكُرماء ورجال الساحات والمجالس في حاجة لأن يموت حتى يُبعث مرّة أخرى. كان عليه أن يقطع المتسللين كي يمنح تربته غطاءً نظيفًا لا أشواك فيها. كان لِزامًا على المولود في العام 1955م أن يشعر بالكهولة من أجل أن يتجدّد وينشط ويقفز فوق الحواجز المحيطة به. لم يكن البادئ من شارع الخزّان وسط العاصمة الرياض غريبًا عن المسالك لكنّ الواقف في الممر المُظلِم أكثر من الحجارة في الجوانب وأطفأ السراج. عندما قرَّر النزيه أن ينهض وتحرّكت أقدامه وحمل المشعل بيديه خافت حشرات الطين الساكنة بالقرب من النوافذ وفي الأخشاب من السقوف.
سيرة نصراوية تُكتب الآن، والقلم لا جفاف فيه والممحاة لن تُبلى، والأصابع التي كانت تتلاصق حيرة انطلقت نحو مسك الفرشاة ووضع الألوان، والجالس في زاوية البيت مع الصبية والمتقدّمين في العُمر غادر مكانه وذهب إلى عُلية القوم وتطارح معهم الرأي وأوجد لنفسه الفسيح وشعر بوجوده.
عانى النصر كثيرًا من بائع الماء وسارق الزيت والآكل لتمره، ضرب الجوع الأصفر مراحل طويلة، وأخذ منه الداخل مع ثوبه رداء الوقار. لا وقوف في عراء بعد اليوم يا أصفر ولا برد.. لا أجوف ولا أحمق ولا غُرباء.. لا كذب ولا خداع ولا رقص كُسحاء.. لا غيرك أنت ولا دون شمسك حاجز.
اشتدّ يا نصر أكثر واركض نحو الضوء. امضِ نحو نهارك واقصد المجرى وارتوي من النبع. لا تخف من الليل ولا ترتجف أبدًا. خُذ بيمينك السيف وعلى متنك زاد الرحلة وضع في ذهنك المورد. وإن حاول أحدهم أن يقودك إلى البئر المهجورة فليكن تُرابًا حينها وادفن به كُلّ البقاع المحفورة واقصد الطريق المنبسطة، ولا تختلف خُطاك عن خُطى اليقين، ولا تتوقّف حين يعترض دربك ناهب مؤونة، ولا تتوه.. أنت الوجهات.
سقط المُضلَّل ومات. ظهر الوضوح وغاب الغموض. ارتفعت الراية الواحدة واختفت رايات كثيرة كانت تنشط في مناخ الفوضى، وزمن التيه، والدفع باتجاه الوهم، والتغذية على الأجواء العكرة. العالمي الكبير يتنفّس أخيرًا والغبار يتطاير إلى البعيد من السماء.
كان نادي البسطاء والكُرماء ورجال الساحات والمجالس في حاجة لأن يموت حتى يُبعث مرّة أخرى. كان عليه أن يقطع المتسللين كي يمنح تربته غطاءً نظيفًا لا أشواك فيها. كان لِزامًا على المولود في العام 1955م أن يشعر بالكهولة من أجل أن يتجدّد وينشط ويقفز فوق الحواجز المحيطة به. لم يكن البادئ من شارع الخزّان وسط العاصمة الرياض غريبًا عن المسالك لكنّ الواقف في الممر المُظلِم أكثر من الحجارة في الجوانب وأطفأ السراج. عندما قرَّر النزيه أن ينهض وتحرّكت أقدامه وحمل المشعل بيديه خافت حشرات الطين الساكنة بالقرب من النوافذ وفي الأخشاب من السقوف.
سيرة نصراوية تُكتب الآن، والقلم لا جفاف فيه والممحاة لن تُبلى، والأصابع التي كانت تتلاصق حيرة انطلقت نحو مسك الفرشاة ووضع الألوان، والجالس في زاوية البيت مع الصبية والمتقدّمين في العُمر غادر مكانه وذهب إلى عُلية القوم وتطارح معهم الرأي وأوجد لنفسه الفسيح وشعر بوجوده.
عانى النصر كثيرًا من بائع الماء وسارق الزيت والآكل لتمره، ضرب الجوع الأصفر مراحل طويلة، وأخذ منه الداخل مع ثوبه رداء الوقار. لا وقوف في عراء بعد اليوم يا أصفر ولا برد.. لا أجوف ولا أحمق ولا غُرباء.. لا كذب ولا خداع ولا رقص كُسحاء.. لا غيرك أنت ولا دون شمسك حاجز.
اشتدّ يا نصر أكثر واركض نحو الضوء. امضِ نحو نهارك واقصد المجرى وارتوي من النبع. لا تخف من الليل ولا ترتجف أبدًا. خُذ بيمينك السيف وعلى متنك زاد الرحلة وضع في ذهنك المورد. وإن حاول أحدهم أن يقودك إلى البئر المهجورة فليكن تُرابًا حينها وادفن به كُلّ البقاع المحفورة واقصد الطريق المنبسطة، ولا تختلف خُطاك عن خُطى اليقين، ولا تتوقّف حين يعترض دربك ناهب مؤونة، ولا تتوه.. أنت الوجهات.