|


أحمد الحامد⁩
ناجحون حقيقيون
2021-04-19
مازال بعض صنّاع المحتوى الإعلامي عبر السوشال ميديا، أو مقدمي البرامج يُصرون على تقديم الشخصية الناجحة بأنها هي الشخصية الثرية، أو التي حققت النجاح بعد تحقيقها للثروة، يضربون أمثلتهم بجاك ما مؤسس “علي بابا”، ومارك زوكربيرج مؤسس “فيسبوك”، أو جيف بيزوس مؤسس “أمازون”، كل قصصهم تبدأ: انظروا كيف بدأت جوجل من كراج البيت بعد أن خرج مؤسسوها من وظيفتهم، أو انظروا كيف ترك جاك مهنة التدريس وأطلق موقع “علي بابا” الذي تساوي قيمته مئات المليارات! أو تعرفوا على الأرباح التي يحققها بيزوس في الساعة الواحدة..
لا أحد ينتقص من ذكاء ومجهود كل هؤلاء الذين ترافق مجهودهم في وقت مناسب مع حظهم، لكن حصر النجاح بالثراء أمر غير عادل وغير منطقي لسكان الكوكب الذي يعيش فيه أكثر من سبعة مليارات، ماذا نسمي المدرّس الذي يحضّر دروسه بكل عناية ويشرحها للطلاب بأفضل طريقة ويعامل التلاميذ على أنهم أبناءه؟ هل ننظر إليه كشخصية غير ناجحة لأنه ليس ثرياً؟ أم يجب أن نشير إليه على أنه ناجح وأمين في عمله ونموذج مهم؟
ماذا عن مالك مقهى نظيف ويعد القهوة بكل عناية ويربح ما يكفيه، هل نقول إنه مسكين وغير ناجح لأنه لا يحقق سوى عدة آلاف كل شهر؟ ماذا عن الممرضة التي تعامل المرضى مثل ملاك، وتحرص على سلامتهم كما تحرص الأخت على أشقائها أو أبنائها؟ هل نقول إنها ناجحة أم غير ناجحة لأن راتبها لا يشتري لها متى ما أرادت ساعة رولكس أو شنطة lV؟
مشكلة الإعلام الفضائي ووسائل التواصل أن لا رقابة فكر وضمير عليهما، وهذا ما أظهر لنا بعض النماذج، نموذج يقوده صنّاع محتوى يسوّق أن النجاح في تحقيق الثروة دون تسليط الضوء على كل الذين يصنعون يومنا من موظفين متميزين وعمّال مثابرين، ونموذج آخر يقوده بعض مشاهير السوشال ميديا يظهر أن النجاح بما يمتلكون أو يمتلكن من ساعات ثمينة وسيارات فارهة حصلن عليها من أرباح السوشال ميديا وبسرعة البرق!
بقدر ما كان الإعلام الجديد بوابة نحو العالم والمعرفة، بقدر ما أظهر لنا محتوى إعلاميًا أقل ما يُقال عنه إنه غير عاقل، لكنها فرصة مهنية لكل المهتمين في صناعة محتوى محترم يُظهر الأبطال الحقيقيين في الحياة، ويُنصف الذين يؤثرون بشكل إيجابي في حياتنا كل يوم، ولا نستطيع الاستغناء عنهم، بعيداً عن أمثلة اترك عملك واكتشف موهبتك. لكل حالة ظروف وإمكانات، وما صلح لجاك ما قد لا يصلح لي أو لك، كلٌ يعيش في ظروفه وأسلوبه، وكلٌ يعرف أين يجد نجاحه بعيداً عمّا هو متداول، الأكيد أن الناجحين كثر في مجالاتهم، ومنهم من كانوا أبطال أزمة كورونا من معلمين وممرضين وأطباء وموظفين.. تحية لكم أيها الناجحون.