|




تركي السهلي
زنابق الليل
2021-06-05
حالًا في الصيف عند القدوم.. كُل شيء لا يقوى الحِراك سوى الظلّ.. يتبع الانتقال ببطء، ويكون موزونًا بدرجة انعكاس الشمس. ومع المغيب، تخرج الزواحف من جحورها طلبًا للمُغامرة والمسامرة والّلدغات. يُخشى من العقارب السُّم، وفتنة الزنابق.
لا مصير لأحد غير ذاك الذي ركل الموت وقرّر الحياة. إنه الشبيه بالمعني، بل هو مغزى الدنيا. يسير دون أن يعرف هو من، ويضرب بيده على كل جامد. يريد في لحظة التغيير أن يكسر الصامت وينطلق فرحًا بالأغاني.. ويرقص مثل عارض جسد. ذاك الذي لديه أرجل عادية، ورأس متناسق مع كتلة جسمه، ووجه لطيف.. يُشبهني. ليس بينه وبين التناقضات طريق ولا يعرف متى تنتهي الرحلة.. يسأل المارّة عن الوجهة وفي عقله حدود المكان. كم آلفه وكم أحتار منه في الوقت ذاته. المنطق يقول إن المُتشابه لديه سمات التقاء والغرابة تحلّ مع قول إن الأرجل لم تكن بحاجة إلى مُخالفة الأيدي. كُلنا يتّفق وكُلنا يرفض تفاسير الآخر عندما يُصبح الطين مثل حجر الزمن البعيد. الصمت عذاب والحديث للغرباء مثل أصيل بلا أب. الزينة المُعلّقة على أبواب الدكاكين ستكون للفرجة أكثر.. العطر المركون في آخر الرف سيُباع بقوّة الرائحة. مُفرحٌ أن تكون مثل التين طريًا ومستديرًا ولذيذًا والقيمة في القَسَمِ الإلهي لا التركيبة الغذائية. المُشكلة الكُبرى أمام الفلّاح في ماذا يزرع بجانب الخوخ.. هل يكون زيتونًا أم بصلًا وعدسًا.. هل عليه أن يتلذّذ أم يأكل.. هل يرى لونًا أم يشبع. في كُل الأحوال البستاني على النقيض من المزارع.. واحدٌ يُهذّب الأشجار والآخر يحرث الأرض. عمومًا، علينا أن نكون أصدقاء مع البيئة.
الحرارة ترتفع الآن في الشهر الثامن من العام الميلادي.. المسافرون يحزمون حقائبهم والطائرات تستعدّ للإقلاع. الكُرة الأرضية مُزدحمة ونوافير الماء تبثّ الرذاذ على العُراة.. الشواطئ مليئة بالناس والجبال لا يسكنها سوى الطائر الحَذِر. وذلك الصامت المُبتسم الواقف عند إشارة المرور.. لا يبحث عن موعد ذهاب ولا يحمل حقيبة سفر.. ليس لديه سوى قلم قديم وأقدام سليمة. يُقرر أن يكون أسرع من الكلمات في الانتظار وأكثر من النقاط. ينتظر المرور والسيّارات أن تعبر ويتّجه نحو بائع صيف.. يسير في المسموح المُحدّد.. يُخرج مالًا حين يصل ويدفع ثمن البارد المُركّز والدقيق المعجون بالسُّكرِ والبيض والزيت.. الملفوف بعد الشراء في صحيفة.. يصعد الدرج ويُنادي الصغار للاحتفاء.. بالكعك المُحلّى.. بالعناوين المنسيّة.. بالحلوى المُثلّجة.. باحتراق الزنابق في اللّيل.