في كل رحلة طويلة عبر الطائرة، أدعو الله أن أجد أفلامًا جيدة في قائمة الأفلام، وأحرص على مشاهدة الأفلام المقتبسة من قصص حقيقية، لأنها حقيقية، وحكاياتها أمثلة واقعية.
اعتدت على مشاهدة أكثر من فيلم إذا كانت مدة الرحلة تتراوح بين ست وسبع ساعات، لكن هذه القاعدة اختلفت في الرحلة الأخيرة، لأنني وبمجرد أن شاهدت الفيلم الأول into the wild “إلى البرية”، لم تعد لدي القدرة على مشاهدة أي أفلام أخرى إلى هذه اللحظة، فهذا الفيلم ملأني بالتمعُّن في معناه، والتفكير جيدًا في محصلته. لن أحرق القصة على مَن يود مشاهدة الفيلم، لكنني سأختصرها، وسأتجه إلى رسالته. الفيلم يروي حكاية شاب تخرَّج حديثًا في الثانوية، وينتمي إلى عائلة ميسورة. يرى أن الإنسان ليس في حاجة للعيش في المدينة المعلَّبة، وليس في حاجة إلى هذا التجمُّع البشري من حوله، وأن الحياة الحقيقية هي التي يعيشها الإنسان مع الطبيعة دون الحاجة إلى وجود الناس. يأكل مما يصطاد، ومن النباتات. هناك في الطبيعة يجد الصفاء والراحة بعد الابتعاد عن كل ضغوط المدينة، والركض اللامنتهي. اختار أن يتجه إلى غابات آلاسكا، لكنه قبل ذلك تبرَّع بكل ما يملك من مال، لأنه ليس في حاجة إليه، وتخلص من سيارته، وغادر دون أن يودع أهله، أو يخبرهم عن وجهته. كان يعتمد على قائدي السيارات لإيصاله كيلومترات عدة، ويمشي طويلًا، وينام في أي مكان. تعرَّف خلال الرحلة على عدد من الأشخاص، ورافق زوجين طوال أيام، كانا يمضيان وقتهما في كرفان، يتجولان من خلاله بين الولايات الأمريكية، كما تعرَّف على رجل مسنٍّ، وأقام معه فترة، حتى إن الرجل عرض عليه أن يتبنَّاه، وألَّا يمضي في رحلته، والتقى أيضًا فتاة، شعرَ تجاهها بمشاعر جديدة لم يألفها من قبل. جميع مَن التقاهم كانوا يحاولون إقناعه بالتوقف عن قراره بالعيش بعيدًا ووحيدًا، لكنهم لم يستطيعوا إيقافه، لأن قناعته كانت أكبر من كلماتهم، ومضى في طريقه بين الولايات، وكلما قطع مسافةً، كان عدد مَن يلتقيهم يزيد، حتى وصل إلى المكان الذي حدَّده مسبقًا، هناك في الغابة، وكان فصل الصيف في أواخره. وجد سيارة “حافلة” معطَّلة، لكنها مهيأة، وفيها سرير، وأدوات مطبخ، وبقايا طعام. كان واضحًا أن هناك مَن أقام مدةً من الوقت في المكان قبل أن يغادر. بدأ الشاب حياته الجديدة مستمتعًا بالهدوء، يتمعَّن في الطبيعة، ويتعرَّف على النباتات، ويأكل منها، ويصطاد الحيوانات في الغابة والأسماك من النهر القريب، وبعد أشهر ومع دخول موسم الثلوج، غادرت الحيوانات المكان، وتجمَّد النهر، واختفت معظم النباتات تحت الثلوج المتراكمة. كان الشاب يدوِّن يومياته، ورحلة الطريق التي أوصلته إلى مكانه، وقال عن رحلة الطريق تحديدًا إنها كانت رائعة بمَن التقاهم، وتعرَّف عليهم، وتبادل معهم المشاعر الطيبة. وتوصَّل بعد مدة من إقامته إلى أن سعادة الإنسان تكمن في هذه المشاعر البشرية، لذا اتخذ قرار العودة والعيش في قرية لا تبعد كثيرًا عن مدينته، لكنَّ الثلوج كانت مرتفعة، وأغلقت كل الطرقات، واشتد جوعه، وبحث بين الثلوج، وأكل نبتة سامة ومات.
اعتدت على مشاهدة أكثر من فيلم إذا كانت مدة الرحلة تتراوح بين ست وسبع ساعات، لكن هذه القاعدة اختلفت في الرحلة الأخيرة، لأنني وبمجرد أن شاهدت الفيلم الأول into the wild “إلى البرية”، لم تعد لدي القدرة على مشاهدة أي أفلام أخرى إلى هذه اللحظة، فهذا الفيلم ملأني بالتمعُّن في معناه، والتفكير جيدًا في محصلته. لن أحرق القصة على مَن يود مشاهدة الفيلم، لكنني سأختصرها، وسأتجه إلى رسالته. الفيلم يروي حكاية شاب تخرَّج حديثًا في الثانوية، وينتمي إلى عائلة ميسورة. يرى أن الإنسان ليس في حاجة للعيش في المدينة المعلَّبة، وليس في حاجة إلى هذا التجمُّع البشري من حوله، وأن الحياة الحقيقية هي التي يعيشها الإنسان مع الطبيعة دون الحاجة إلى وجود الناس. يأكل مما يصطاد، ومن النباتات. هناك في الطبيعة يجد الصفاء والراحة بعد الابتعاد عن كل ضغوط المدينة، والركض اللامنتهي. اختار أن يتجه إلى غابات آلاسكا، لكنه قبل ذلك تبرَّع بكل ما يملك من مال، لأنه ليس في حاجة إليه، وتخلص من سيارته، وغادر دون أن يودع أهله، أو يخبرهم عن وجهته. كان يعتمد على قائدي السيارات لإيصاله كيلومترات عدة، ويمشي طويلًا، وينام في أي مكان. تعرَّف خلال الرحلة على عدد من الأشخاص، ورافق زوجين طوال أيام، كانا يمضيان وقتهما في كرفان، يتجولان من خلاله بين الولايات الأمريكية، كما تعرَّف على رجل مسنٍّ، وأقام معه فترة، حتى إن الرجل عرض عليه أن يتبنَّاه، وألَّا يمضي في رحلته، والتقى أيضًا فتاة، شعرَ تجاهها بمشاعر جديدة لم يألفها من قبل. جميع مَن التقاهم كانوا يحاولون إقناعه بالتوقف عن قراره بالعيش بعيدًا ووحيدًا، لكنهم لم يستطيعوا إيقافه، لأن قناعته كانت أكبر من كلماتهم، ومضى في طريقه بين الولايات، وكلما قطع مسافةً، كان عدد مَن يلتقيهم يزيد، حتى وصل إلى المكان الذي حدَّده مسبقًا، هناك في الغابة، وكان فصل الصيف في أواخره. وجد سيارة “حافلة” معطَّلة، لكنها مهيأة، وفيها سرير، وأدوات مطبخ، وبقايا طعام. كان واضحًا أن هناك مَن أقام مدةً من الوقت في المكان قبل أن يغادر. بدأ الشاب حياته الجديدة مستمتعًا بالهدوء، يتمعَّن في الطبيعة، ويتعرَّف على النباتات، ويأكل منها، ويصطاد الحيوانات في الغابة والأسماك من النهر القريب، وبعد أشهر ومع دخول موسم الثلوج، غادرت الحيوانات المكان، وتجمَّد النهر، واختفت معظم النباتات تحت الثلوج المتراكمة. كان الشاب يدوِّن يومياته، ورحلة الطريق التي أوصلته إلى مكانه، وقال عن رحلة الطريق تحديدًا إنها كانت رائعة بمَن التقاهم، وتعرَّف عليهم، وتبادل معهم المشاعر الطيبة. وتوصَّل بعد مدة من إقامته إلى أن سعادة الإنسان تكمن في هذه المشاعر البشرية، لذا اتخذ قرار العودة والعيش في قرية لا تبعد كثيرًا عن مدينته، لكنَّ الثلوج كانت مرتفعة، وأغلقت كل الطرقات، واشتد جوعه، وبحث بين الثلوج، وأكل نبتة سامة ومات.