|


أحمد الحامد⁩
شركاء الصبر
2021-08-11
بعض قصص النجاح تخفي بين سطورها أسرار نجاحها، لاحظت أن السر المشترك في أي قصة نجاح حقيقي هو الصبر، يصبر المزارع الناجح للحصول على محصول متميز، ويصبر المعلم الفاضل طيلة عمله على مشاغبات وكسل بعض تلاميذه، وتصبر الأم على تكرار المفاهيم والقيم النبيلة لكي تزرعها في أبنائها، كل جميل معجون بالصبر.
حكاية أمازون درس كلاسيكي، أساس الشجرة بذرة، ولكل فعل نتيجة، قد تسعى إلى هدف ثم تجد نفسك تحقق أهدافاً أخرى، وطالما أن النجاح قد كتب لك فهو يعرف طريقه نحوك، شرط أن تكون في وضعية العمل ومستعد للفرصة وما تفتحه من آفاق.
أساس الفكرة أن أحدهم أراد أن يبيع الكتب عبر الإنترنت، هذه كل الحكاية، فكرة غير معتادة، وفي العام 1994 كان الإنترنت غير مفهوم ولم يكن العنكبوت حينها قد مد كل خيوط الشبكة، ومثل كل مبتدئ كان جيف بيزوس يحاول أن يجمع المال الذي يبقي فكرته على قيد الحياة، وهي من أصعب المراحل التي تمر فيها كل فكرة تحولت إلى مشروع، حينها قال جيف لأحد أصدقائه: أنصحك أن تستثمر بي فأنا متجه نحو الثراء.. استثمر بي وسأجعل منك مليونيراً! تخيل أن يقول لك أحد أصدقائك نفس ما قاله جيف، هل ستمد يدك إلى جيبك وتعطيه ما في محفظتك ؟ إن كنت سترفض فهذا ما فعله صديق جيف، ولا لوم عليه، فمن كان يعرف الإنترنت حينها، ومن يراهن على صديق استقال من وظيفة جيدة مندفعاً نحو فكرة لا تفهمها جيداً ؟.
يقال إن التوقيت في عالم الأعمال يلعب دوراً حاسماً، والحقيقة أن التوقيت لا يلعب فقط في عالم الأعمال دوراً مهماً، التوقيت المناسب يلعب دوراً كبيراً في كل شيء، حتى أفضل الكلام لا يبدو مهماً إذا ما قيل في توقيت خاطئ. حينها كانت الشمس التي ستشرق هي شمس الإنترنت، وهذا ما راهن عليه بيزوس، لكن مجرد الرهان لم يكن كافياً، فالفرصة الكبيرة تحتاج إلى شخص بحجمها، لديه الصبر الطويل، ولا بأس من بعض الشك، على أن يأتي لحظات ويغادر، وهذا ما كان لدى جيف وهذا ما جعلني أكتب هذا المقال: لم يبع جيف أي كتب بعد إطلاق مشروعه لمدة ستة أشهر، والمرة الأولى التي حصل على أول طلب لم يكن من أمريكا بل من بلغاريا، وضع صاحب الطلب المال بين ورقتين داخل cd غنائي تاركاً هذه الملاحظة: وضعت المال بين الورقتين فإن لم تجده فسيكون موظفو البريد هم من سرقوا المال! ستة أشهر لم يبع فيها بيزوس شيئاً ولم يتخلَ عن فكرته، ولا يحتاج أن أقول لكم إلى أين وصلت فكرة بيع الكتب على الإنترنت، يكفي أن أقول بأن قيمتها السوقية وصلت إلى تريليون دولار.
اليوم أفكر كم جيف بيزوس ترك فكرته عند أول موجة، أو قبل الحصاد بقليل؟.