|


د. عبد الرزاق أبوداود
«بضاعة الإمتاع»
2021-08-22
ذات يوم، قال الأرجنتيني البارع ميسي: “كرة القدم تشبه صناعة الساعات فدون الدقة والصرامة، فإن الموهبة والأناقة لا تعني شيئًا”.
كرة القدم صناعة عريقة، نشأت في إنجلترا، والصين القديمة، وهي أهم وأشهر عناصر الترفيه والمتعة، ومصدر للأسى والإحباط في عالم المجنونة.
كرة القدم يتابعها ملايين البشر في أرجاء المعمورة، من مختلف الأعمار والألوان والاتجاهات!
كرة القدم “بضاعة” ممتعة، ومنافسة جميلة بين الألعاب الرياضية.. بساطة، وفن، وأصالة، وشغف، وتنافس تشوبه تشوهات هنا وهناك!
كرة القدم ذاخرة بالمفاجآت، صاخبة بالجماهير، وفرحتهم العارمة، وصدماتهم الحزينة. تشوبها الادعاءات، وتكتنفها التشوهات، وتحبطها المبالغات، تزهو بالمشاعر العارمة الجميلة، غنية بمظاهر الشغف والانفعالات والأحزان!
البساطة والمصداقية، هما العنصران الأعلى قيمة في كرة القدم، بعد أن رسخت فكرة تفوقها الحاسم على مثيلاتها من الألعاب الرياضية، لسهولة ممارستها، ومتابعتها، ومعرفة قوانينها.
كرة القدم السعودية لا تقل إثارة ومفاجآت وعنفوانًا وتنافسًا عن نظيراتها من الألعاب في بلدان أخرى، فيها كل شيء: متعة، وحزن، وأسى، وفرحة، وتشويه، وإبداع، ملاعبنا زاخرة بالفن والإبداع وجودة الأداء، وأدوات تواصلنا الاجتماعية مفعمة ـ هي الأخرى ـ بالإشادة والفرحة، والشائعات، والاتهامات التي لا تنتهي.
البساطة أساس كرتنا، والشكوك والشائعات عبير وتعبير عما تختزنه بعض صدورنا، نفرح بفوز فريقنا، ونوغل في التشكيك إذا فاز آخرون، حتى كدنا أن نسميها مسابقات “الشك واليقين”!.
العجيب أن مصدر حزننا وشكوكنا، هو ذاته قاعدة لإطلاق الشائعات تجاه خصومنا! هذا مدعوم! وذلك مستفيد! والآخر مراوغ! وفاز بصافرة لعينة! أو “فار غير شريف” وخسرنا ونحن الأجدر!
لماذا نحاول دائمًا “قتل الفرحة” والمتعة في قلوب المنتصرين؟ كرة القدم فن وإبداع، ومتعة وتنافس شريف، وجماهير سعيدة هادرة بالمدرجات، تدعم فريقها المميز، اليوم فرحتهم، وغدًا قد تكون لنا فرحتنا.
بين كل فرقنا التي نحترمها جميعًا، أعجبني فريقان بإدارتين مميزتين، فريقان يبحثان عن الإيجابيات، ويسعيان دومًا لتطوير الأداء والنتائج.. ثابرا طويلًا ـ وبهدوء ـ حتى قطفا بطولة كأس الملك الغالية بالتوالي، وقدما نتائج إيجابية متصاعدة أطاحت بـ ”الكبار”، إنهما فريقا التعاون والفيصلي.. فريقان بحثا عن الأمل المفعم بالعمل، والجدية والثبات، بحثا عن المتعة والإيجابية والإنجاز في سياق المنافسات، وبهدوء ورصانة واحترام.. حققا بطولتين غاليتين علينا جميعًا، وظفرا بكأس الملك الغالية، فمرحى.. لهذين البطلين، فقد ثابرا، ووصلا، وأطاحا بالكبار!
كانت البساطة، والمصداقية، والعمل المُمنهج سمة “التعاون والفيصلي”، عملا بصمت وثبات، وقدما للآخرين نموذجين رياضيين وطنيين يحتذى بهما في كرتنا السعودية.