|


أحمد الحامد⁩
«صفّي» النية
2021-08-28
* محظوظ كل مَن تكون نواياه دائمًا سليمة، يحصل على نوم عميق، ونفس متوازنة، وأوقاته مليئة بالصفاء، وتنتصر له الأيام ضد كل مخادع.
بالأمس قرأت تغريدة للمحامي الدكتور محمد الجذلاني، كتبها بعد تجربة طويلة في أروقة المحاكم، يبيِّن فيها إلى أي درجة تحمي النية الطيبة صاحبها، حتى لو عُرِفَ خصمه بالدهاء “من مشاهداتي في عالم القضاء والمحاماة، رأيت بعيني وقائع تثبت أن أبو نية يغلب أبو ثنتين، وأن العاقبة الحسنى دومًا لحسن النية، إذ تدور الأحداث لصالحه، فيُبارك له في القليل، ويعوَّض ما خسره مضاعفًا، ويبوء الماكر بالخسارة، والله رأيتها مرارًا وتكرارًا”.
* العلاقات الإنسانية شراكة، ويقال إن أهم بند في عقد الشراكة ليس ما يُكتب على الورق، بل ما يحفظ في الصدر، فبعض ما يُكتب على الورق قد يُفسَّر بأوجه مختلفة. مما حفظه التراث عن صفاء النية، ما أجاب به طلحة بن عبد الرحمن بن عوف زوجته، ومعروف عن طلحة أن صفة كرمه كانت أصيلة، وغالبًا ما تصحب صفحة الكرم صفات نبيلة معها، منها صفاء النية. قالت له زوجته: “ما رأيت قومًا أشد لؤمًا من إخوانك”. قال: “ولِمَ ذلك؟”. قالت: “أراهم إذا اغتنيت لزموك، وإذا افتقرت تركوك”. فقال لها: “هذا والله من كرم أخلاقهم، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم”.
* في بداية التسعينيات الميلادية، كنت أعرف شخصين، كانا يعملان سويًّا في العقار، كانت بدايتهما صغيرة جدًّا، وكل صغير تحيطه النيات الطيبة يكبر، فمع السنوات حققا نجاحًا باهرًا حتى صارا في بحبوحة مادية واضحة، لكنهما افترقا بعد شراكة ناجحة، دامت نحو 20 عامًا، التقيت أحدهما، وما زلت أحفظ كلماته التي علَّل بها أسباب فض شراكتهما. أدهشتني شجاعته على الاعتراف بكل تجرد. قال بما معناه: إنهما كانا يعملان بصفاء نية، وكان هذا الصفاء الأساس المتين لنجاحهما، وعندما اختلفت النيات، ظهرت المشكلات. ثم أكمل موضحًا أنه هو مَن كان السبب خلف هذه المشكلات، وأنه قبض على نفسه أكثر من مرة وفي قلبه نيات غير صادقة، لذا طلب من صديقه وشريكه إنهاء الشراكة حتى لا يخسر صداقته.
* وبما أن نيتي في هذا المقال طيبة، وأريد فيه النفع والفائدة، فأرجو أن تكون نيتك أنت أيضًا عزيزي القارئ طيبة معي، وتضَع لي “لايك” حتى يعتقد الزملاء في الصحيفة بأنني كتبت مقالًا نال استحسان القرَّاء!