|


سعد المهدي
الكرة السعودية الحديثة
2021-11-16
تبلور الشخصية يفيد أكثر من التجليات، إذ يمكن في الحالة الأولى قياس القدرات، وأيضًا تعزيرها، فيما الثانية تدخل في حالة عدم اليقين، وبالتالي تصبح كل الاحتمالات واردة.
في المنافسات الرياضية احتمالات الفوز والخسارة ثابتة، والاستناد على الأفضلية في التنبؤ بالنتائج لا ينتهي كما ينتظر منه، إلا أن تلك المفاضلة تبدأ في تشكيل أمر واقع مع تشكل شخصية الرياضي أو الفريق.
الفوارق بين المتنافسين لا تقاس في مواجهة سانحة يكون لها ظرفها، بل بمجموعة عناصر تفرض الأفضلية المطلقة إن أتمت شروطها، هذا يمكن أن يتضح بسهولة عند متابعة متنافسين أحدهما مكتمل الشخصية وآخر في طور البحث عنها.
المنتخب السعودي ونظيره الفيتنامي، اللذان يتواجهان اليوم، يقعان بين الحالتين، تبلور الشخصية والبحث عنها، هذا يكشفه واقع المنافسة على التأهل عن مجموعتهما، فالمنتخب السعودي يتصدرها والفيتنامي يتذيلها، ما يعني أن الفيتناميين في انتظار حالة تجلٍ، بينما السعوديون ظهور الشخصية.
الشخصية الفنية للفريق تتأثر بين مرحلة وأخرى بقيمة العناصر وأجهزة التدريب وكفاءة الإدارة المسيرة للعبة، لكن في كل الحالات تحتفظ بالكثير من سماتها كل ما هيئت للفريق الظروف الطبيعية للعودة، حيث عادة تستند على التاريخ والمنجزات والخبرات المتوارثة.
في مباريات التصفيات، التي يخوضها “الأخضر”، لفت الانتباه إلى قيمة مهمة يعتقد البعض أنها ظهرت فجأة، وهي شخصية الفريق، وأعتقد أن ذلك ليس دقيقًا إذا كان المقصود من جانبها الفني، وأرى أن وحدة الأداء وشكله عائد للتغير الذي حدث للعبة كرة القدم في العالم.
العناصر التي يمكن لها تحمل تنفيذ خطط اللعب، التي غزت الملاعب منذ أكثر من عقد، عنوانها الأبرز “الجودة” لم تعد في حاجة إلى العنصر”الماهر” الذي يمتلك الكره أكثر الوقت، ولا من تبنى عليه “الخطة” ولا من يكتفي بلعب دور واحد، هذه الفكرة تنامت وغزت الملاعب وتركت لتبنيها وتنفيذها فرصة وضع إطار حولها، وهي “الشخصية” باختلاف صورها.
الكرة السعودية لها تاريخ طويل ومنجزات ضخمة، والشخصية هي من سمات العناصر وخطة توظيفهم، وما تظهر عليه اليوم إنما هي صورة فنية جديدة لشخصية سبق أن تشكلت، وكم نتمنى أن يلقى نجومها الحاليين الأكثر جودة على امتداد كل المراحل الاحتفاء والتقدير ذاته، الذي لقيه من قبلهم، لنضمن توالي أجيال جديدة تحمل لواء الكرة السعودية الحديثة.