- الغموض جزء أصيل من أيّ عمل فنّي عظيم!. إنه يعني أنّ هناك ما هو أبعد، مثلما يعني أنّ رسالة خاصّة موجّهة إلى القارئ، أو المتلقّي، رسالة خاصّة إليّ، ورسالة أُخرى خاصّة إليك، وثالثة تخصّ ثالثًا، وهكذا، رغم ثبات الشكل!. وأنّ الفنّان تعمّد تشفيرها ثقةً منه بقدرة كلّ واحد منّا على التّوغّل والوصول إلى ما يخصّه، وحمايةً لكل رسالة من التّشويه، أو من التّبدّد!.
- أمام العمل الفنّي العظيم، وبسبب من غموضه أو من وجود غامض فيه، وهو غامض دائم ويتمدّد!، يشعر المتلقّي بامتداد الحياة وباتّساع الفضاء ورحابة الأُفُق!. وبسعادة، غامضة هي الأخرى، لأنّ هناك شيئًا لا يريد أنْ ينتهي ولا يقف عند حدّ!.
- في الغموض إذن بذرة خلود!، بذرة من الخلود!. والأعمال الفنيّة العظيمة، هي عظيمة بسبب هذه البذرة، التي تنمو فينا فنتكاثر ونتمدّد من خلالها، ونصير مثلها غير قابلين للفناء!، نصير لا نهائيين!. خلودٌ وتفرّدٌ دائمَان، يا للمجد!.
- الغموض في العمل الفنّي هو ما يجعله جديدًا، أو ما يُبقيه جديدًا، كلّ مرّة!. ونحن أيضًا، نحن الذين نتأمّل ذلك العمل الفنّي، نشعر بامتنان داخليّ عميق لمثل هذا “التّمويه” الممتع!. إنّه يحرّضنا على العمل، وعلى الأمل باكتشاف جديد فيه ومن خلاله، وكلّما وصلنا أو اقتربنا، نشعر بنوع نادر من الزّهو الداخلي!. كما نشعر بسعادة لأنّ كل نجاح، وبأي نسبة، في اكتشافنا جديد في العمل ومن خلاله، إنما هو اكتشاف لجديد فينا ومن خلالنا!.
- ثمّ إنّ أيًّا منّا، لا يقدر على التّحكّم بما هو واضح وجليّ!. لقد أتانا هذا الواضح الجليّ مكتملًا، و”مكتملًا” هنا، مثلما هي في كل مكان آخر، تعني: ميّتًا!. لا نقدر على إضافة شيء إليه كما لا نقدر على محاورته!.
في اللحظة التي يحضر فيها هذا “الواضح الجليّ” يكون ذكرى!، مجرّد ذكرى!. وهذا يعني أن كلمة “يحضر” كلمة خاطئة، أو مستحيلة!. مهما كان “الواضح الجليّ” مهمًّا، هو في النهاية نقطة،.. قبر!. لا يمكن له أن يكون اتجاهًا، باستثناء أن يكون اتجاهًا للماضي، لما سبق، بمعنى وبآخَر: لا يمكنه غير أن يكون ذكرى!.
- بما أنّه واضح وجليّ، فهذا يعني، بما لا يدع مجالًا للشكّ فيه، أننا التقيناه من قبل، وأنّه التقانا بدوره، وأننا تفاهمنا وانتهى الأمر في زمن سابق!. لو لم يكن قد أتى من قبل، كيف أمكن لنا معرفته وفهمه بكل هذا الوضوح والجلاء القاطع!. هو ذكرى إذن!. فعل ماض!. ونحن بالنسبة إليه كذلك بالضبط!. وهو بذلك يقلّص المساحة والزمن!. حتى “يُقلّص” كلمة خاطئة ومستحيلة!، لقد قلّص المساحة والزمن بما كان كافيًا لاختناقنا!.
- الغموض، يبدّد هذا الملل، وينسفه نسفًا، فنحن قادرون على تشكيله، تشكيل الغموض، وتحويله، من جديد كل مرّة!. بل إنه أكرم من ذلك، فهو لا يترك لنا مجالًا للتعامل معه إلا من خلال العمل على تحويله وتشكيله من جديد كلّ مرّة!. وهو ممتنّ لنا دائمًا، لأنه، هو الآخر، وفي كلّ مرّة يلتقينا فيها: يحوّلنا ويشكّلنا!. هو بسبب منّا في حضور دائم: “فعل مُضارع” طول الوقت. ولأنه كذلك فهو “خالد” أيضًا!.
- الوضوح التام، شِبْه المُطلَق، لا يُمكنه أن يكون مُضيفًا كريمًا أبدًا!. إنه لا يفسح لنا مكانًا للجلوس!. أنتَ، وأنا، وكل شخص آخر غيرنا، فائض عن الحاجة بالنسبة للواضح الجليّ المكشوف التّام!. إنه مثل “الحقيقة”، شأنه شأنها!، ليس بحاجة لأي مساعدة من أيّ واحد منّا!، هو المفيد والمُساعِد، وكل ما يمكن لنا معه وأمامه: الطّاعة والامتنان!.
لقد استولى على كل شيء قبل أن نأتي، وها هو يقول لنا ما لا يمكن إلا فهمه وما لا سبيل إلى التفاهم معه!.
- الغموض “الفنّي” سخيّ وكريم جدًّا، وهو متواضع مهما بدا لنا غير ذلك لمرّة أو حتى في كلّ مرّة!. يُفسِح لنا مكانًا للجلوس معه وبالقرب منه، ولا يُمانع أبدًا في مناقشة الأمر معه، ويتقبّل برحابة صدر، قدْر الإمكان، مساعداتنا له، ولأنفسنا، في التأويل والتحويل وإعادة التشكيل!. شيء ما فيه يقول: أحتاج إليك، لفكرك ولخيالك، وإلا فإنّه لا يمكن حتى الحلم بالتّقدّم إلى صياغة أجمل وصيغة أشمل!.
- الاستشارة والاستثارة، هذه أجنحة الغموض “الفنّي”، إنّه يستشيرنا، ويستثيرنا!. يستشير عقولنا، ويستثير فضولنا!. الأولى بحياء، والثانية بطرافة!.
- الغموض الفنّي ليس طلسمة ولا تهويمات فارغة، وهو لا يأخذ صفة “الفنّي” هذه عبثًا. إنه يَفْرُق عن أي غموض “غير فنّي”، بهذه الصفة الحاسمة: إنّه ليس غريبًا عن أرواحنا، ولديه قدرة على جذبنا نحو “مُشتَرَك” بيننا!. قد لا نعي هذا “المُشتَرَك” وعيًا كاملًا، لكننا نحسّه ونستشعره، وندري، دونما سبب واضح، بوجود صِلَة قَرَابَة بين أرواحنا وبينه!. إنه يُنادينا!.
- شيء ما في “الغموض الفنّي” يقول لك: إنني غير متماسِك تمامًا، وإنّك مثلي، وهذا ما يُعيبه علينا علم الريّاضيات، وبسببه تهزأ منّا الأرقام!، وهي تفعل ذلك بثبات تام، مُمِلّ، لأنّها ميّتة، نتائجها مُنْقَضِيَة سَلَفًا!. هي بذلك تمتاز علينا بخيبتها!، وعلينا عدم تصديق ذلك الاستعلاء الفجّ، ورفض الخنوع له والقبول به!. قلت “علينا عدم تصديق..”، وأصحّح: علينا عدم الاكتراث!. إنّ في عدم تماسكنا تكمن ميزتنا الأعظم: أنْ نكون قادرين دائمًا على التّنفّس والحركة والتّقدّم خطوة أُخرى.. جديدة، ومفاجئة!.
- هل سبق لك أنْ ضحكتَ صادقًا، ومن القلب، لسماع طُرْفة سبق لك سماعها أكثر من مرّة؟! الجواب: لا. لماذا لا؟! لأنّ الغموض واللادراية يشكّلان جزءًا مهمًّا من تكوين الطُّرفة!. في كلّ طُرفة غموض، وكذلك في كل غموض “فنّي” طرافة ما!. الفرق، هو أنّ الغموض الكامن في الطّرائف والنّكات، يُكشَف في نهايتها، مثل قافية مدوّيَة في بيت شعر!. غموض الطّرائف والنّكات قصير العُمر!. بينما غموض الفن يحتفظ بطرافته على قَدْر عَظَمَة العمل الفنّي نفسه!.
- في كل عمل فنّي غموض ما، وفي كل غموض فنّي طرافة ما، وفيه أيضًا نداء خفي، جذّاب وممتع وتصعب مقاومته!. الفنون والآداب العظيمة قائمة، وباقية، بفضل هذه العناصر الثلاثة: الغموض والطّرافة والنّداء!.
- أمام العمل الفنّي العظيم، وبسبب من غموضه أو من وجود غامض فيه، وهو غامض دائم ويتمدّد!، يشعر المتلقّي بامتداد الحياة وباتّساع الفضاء ورحابة الأُفُق!. وبسعادة، غامضة هي الأخرى، لأنّ هناك شيئًا لا يريد أنْ ينتهي ولا يقف عند حدّ!.
- في الغموض إذن بذرة خلود!، بذرة من الخلود!. والأعمال الفنيّة العظيمة، هي عظيمة بسبب هذه البذرة، التي تنمو فينا فنتكاثر ونتمدّد من خلالها، ونصير مثلها غير قابلين للفناء!، نصير لا نهائيين!. خلودٌ وتفرّدٌ دائمَان، يا للمجد!.
- الغموض في العمل الفنّي هو ما يجعله جديدًا، أو ما يُبقيه جديدًا، كلّ مرّة!. ونحن أيضًا، نحن الذين نتأمّل ذلك العمل الفنّي، نشعر بامتنان داخليّ عميق لمثل هذا “التّمويه” الممتع!. إنّه يحرّضنا على العمل، وعلى الأمل باكتشاف جديد فيه ومن خلاله، وكلّما وصلنا أو اقتربنا، نشعر بنوع نادر من الزّهو الداخلي!. كما نشعر بسعادة لأنّ كل نجاح، وبأي نسبة، في اكتشافنا جديد في العمل ومن خلاله، إنما هو اكتشاف لجديد فينا ومن خلالنا!.
- ثمّ إنّ أيًّا منّا، لا يقدر على التّحكّم بما هو واضح وجليّ!. لقد أتانا هذا الواضح الجليّ مكتملًا، و”مكتملًا” هنا، مثلما هي في كل مكان آخر، تعني: ميّتًا!. لا نقدر على إضافة شيء إليه كما لا نقدر على محاورته!.
في اللحظة التي يحضر فيها هذا “الواضح الجليّ” يكون ذكرى!، مجرّد ذكرى!. وهذا يعني أن كلمة “يحضر” كلمة خاطئة، أو مستحيلة!. مهما كان “الواضح الجليّ” مهمًّا، هو في النهاية نقطة،.. قبر!. لا يمكن له أن يكون اتجاهًا، باستثناء أن يكون اتجاهًا للماضي، لما سبق، بمعنى وبآخَر: لا يمكنه غير أن يكون ذكرى!.
- بما أنّه واضح وجليّ، فهذا يعني، بما لا يدع مجالًا للشكّ فيه، أننا التقيناه من قبل، وأنّه التقانا بدوره، وأننا تفاهمنا وانتهى الأمر في زمن سابق!. لو لم يكن قد أتى من قبل، كيف أمكن لنا معرفته وفهمه بكل هذا الوضوح والجلاء القاطع!. هو ذكرى إذن!. فعل ماض!. ونحن بالنسبة إليه كذلك بالضبط!. وهو بذلك يقلّص المساحة والزمن!. حتى “يُقلّص” كلمة خاطئة ومستحيلة!، لقد قلّص المساحة والزمن بما كان كافيًا لاختناقنا!.
- الغموض، يبدّد هذا الملل، وينسفه نسفًا، فنحن قادرون على تشكيله، تشكيل الغموض، وتحويله، من جديد كل مرّة!. بل إنه أكرم من ذلك، فهو لا يترك لنا مجالًا للتعامل معه إلا من خلال العمل على تحويله وتشكيله من جديد كلّ مرّة!. وهو ممتنّ لنا دائمًا، لأنه، هو الآخر، وفي كلّ مرّة يلتقينا فيها: يحوّلنا ويشكّلنا!. هو بسبب منّا في حضور دائم: “فعل مُضارع” طول الوقت. ولأنه كذلك فهو “خالد” أيضًا!.
- الوضوح التام، شِبْه المُطلَق، لا يُمكنه أن يكون مُضيفًا كريمًا أبدًا!. إنه لا يفسح لنا مكانًا للجلوس!. أنتَ، وأنا، وكل شخص آخر غيرنا، فائض عن الحاجة بالنسبة للواضح الجليّ المكشوف التّام!. إنه مثل “الحقيقة”، شأنه شأنها!، ليس بحاجة لأي مساعدة من أيّ واحد منّا!، هو المفيد والمُساعِد، وكل ما يمكن لنا معه وأمامه: الطّاعة والامتنان!.
لقد استولى على كل شيء قبل أن نأتي، وها هو يقول لنا ما لا يمكن إلا فهمه وما لا سبيل إلى التفاهم معه!.
- الغموض “الفنّي” سخيّ وكريم جدًّا، وهو متواضع مهما بدا لنا غير ذلك لمرّة أو حتى في كلّ مرّة!. يُفسِح لنا مكانًا للجلوس معه وبالقرب منه، ولا يُمانع أبدًا في مناقشة الأمر معه، ويتقبّل برحابة صدر، قدْر الإمكان، مساعداتنا له، ولأنفسنا، في التأويل والتحويل وإعادة التشكيل!. شيء ما فيه يقول: أحتاج إليك، لفكرك ولخيالك، وإلا فإنّه لا يمكن حتى الحلم بالتّقدّم إلى صياغة أجمل وصيغة أشمل!.
- الاستشارة والاستثارة، هذه أجنحة الغموض “الفنّي”، إنّه يستشيرنا، ويستثيرنا!. يستشير عقولنا، ويستثير فضولنا!. الأولى بحياء، والثانية بطرافة!.
- الغموض الفنّي ليس طلسمة ولا تهويمات فارغة، وهو لا يأخذ صفة “الفنّي” هذه عبثًا. إنه يَفْرُق عن أي غموض “غير فنّي”، بهذه الصفة الحاسمة: إنّه ليس غريبًا عن أرواحنا، ولديه قدرة على جذبنا نحو “مُشتَرَك” بيننا!. قد لا نعي هذا “المُشتَرَك” وعيًا كاملًا، لكننا نحسّه ونستشعره، وندري، دونما سبب واضح، بوجود صِلَة قَرَابَة بين أرواحنا وبينه!. إنه يُنادينا!.
- شيء ما في “الغموض الفنّي” يقول لك: إنني غير متماسِك تمامًا، وإنّك مثلي، وهذا ما يُعيبه علينا علم الريّاضيات، وبسببه تهزأ منّا الأرقام!، وهي تفعل ذلك بثبات تام، مُمِلّ، لأنّها ميّتة، نتائجها مُنْقَضِيَة سَلَفًا!. هي بذلك تمتاز علينا بخيبتها!، وعلينا عدم تصديق ذلك الاستعلاء الفجّ، ورفض الخنوع له والقبول به!. قلت “علينا عدم تصديق..”، وأصحّح: علينا عدم الاكتراث!. إنّ في عدم تماسكنا تكمن ميزتنا الأعظم: أنْ نكون قادرين دائمًا على التّنفّس والحركة والتّقدّم خطوة أُخرى.. جديدة، ومفاجئة!.
- هل سبق لك أنْ ضحكتَ صادقًا، ومن القلب، لسماع طُرْفة سبق لك سماعها أكثر من مرّة؟! الجواب: لا. لماذا لا؟! لأنّ الغموض واللادراية يشكّلان جزءًا مهمًّا من تكوين الطُّرفة!. في كلّ طُرفة غموض، وكذلك في كل غموض “فنّي” طرافة ما!. الفرق، هو أنّ الغموض الكامن في الطّرائف والنّكات، يُكشَف في نهايتها، مثل قافية مدوّيَة في بيت شعر!. غموض الطّرائف والنّكات قصير العُمر!. بينما غموض الفن يحتفظ بطرافته على قَدْر عَظَمَة العمل الفنّي نفسه!.
- في كل عمل فنّي غموض ما، وفي كل غموض فنّي طرافة ما، وفيه أيضًا نداء خفي، جذّاب وممتع وتصعب مقاومته!. الفنون والآداب العظيمة قائمة، وباقية، بفضل هذه العناصر الثلاثة: الغموض والطّرافة والنّداء!.