|


فهد عافت
على إيقاع المجاذيف!
2021-11-25
ـ حيث “حزن الأشجار أعظم من صبرها” أسرح في الرواية التي تسرح بي: “روزينها زورقي الصغير” لـ”جوزيه مَاورُو”. ترجمة: صلاح بن عيّاد. ماذا عن الرواية؟! أبدًا: بطلها فقط لا يريد، أو إنه يريد الحقيقة، لكنه غير قادر على الاقتناع بما يقرّه المجتمع مُسَلَّمةً عقليّة منطقيّة طبيعيّة، حيث: الشجرة شجرة لا أكثر!، والخشب لا يتكلّم!.
ـ بناءً على ذلك يتم إيداع الرجل في مصحّة، أملًا في أن يشفى من فهم ما تقوله الأشجار والتّحدّث مع الأشياء!.
ـ يا لحكايتك العجيبة يا “زي أوروكو”!. من هم المجانين حقًّا؟! أمثالك أم “الناس الذين فقدوا القدرة على إدراك شاعريّة الخالق؟!”
ـ باستثناء التقارير الطّبيّة وآراء الدّكاترة والممرّضات والحُقَن والصّدمات الكهربائيّة والعقوبات!..، كل ما بداخلك يصرخ: إنهم أولئك الذين تصلّبوا وتصلّبت قلوبهم ولم يعودوا قادرين حتّى على أنْ يفهم بعضهم بعضًا!. إنّ المجانين الحقيقيّين هُم من فقدوا القدرة على الإحساس!.
ـ مساحة أرض ما، مسألة لا يُمكن الاختلاف عليها بحكم الحساب وقياسات الهندسة وعلم الرياضيات، هذه مسألة مفروغ منها بحكم “العقل”. لكن ماذا عن رحابة أرض ما؟! رحابتها وليس مساحتها؟! المسألة هنا ليست “عقليّة” بقدر ما هي “عاطفيّة” ووجدانيّة!.
ـ القياسات الحاسمة بأمر الرّياضيات لا تُجدي نفعًا للفصل في الأمر. لكن العالَم المُتّجه إلى المادّيّة بإصرار مريب، يريد أن تكون كلمة الفصل النهائيّة للأرقام!. هذا الإصرار المريب، الغبي حقًّا!، يعتبر كل رفض له نوعًا من أنواع الخَبَل والسّفه والجنون!. الله وحده يعلم من الأولى بدخول المصحّات النّفسيّة ومستشفيات الأمراض العقليّة؟!.
ـ رواية “روزينها زورقي الصغير” ومن خلال بطليها: العجوز وزورقه الصغير، جاءت لرفض كل هذه الغطرسة الماديّة!. هي لا ترفض العقل ولا تحاول إهانته أو الاستهانة به، كل ما أرادت بثّه فينا هو اليقظة إلى ضرورة عدم إعطاء “العقل” كل هذه المساحة التي هي ليست من حقّه، والتّأكيد على أن حدود العقل والمنطق والحسابات والأرقام يجب أن تتوقّف مُبقيةً للعاطفة والإحساس والوجدان مساحتها أيضًا!.
ـ الجسد ليس كل شيء!. الشكل ليس كل شيء!. هنالك الروح، وهي الأهم!. والأجساد والأشكال صانعة الأنواع والتّنوّع، وهي بذلك صانعة الفُرْقَة!. لكن الرّوح واحدة، في كل شيء حيّ، وكلّ شيء حيّ!.
ـ غدًا، بإذن الله، وفي “بلكونة” الجمعة المُخصّصة للقطف من الكتب، والخطف من سطورها وعطورها، ما يمكن قطفه وخطفه، نلتقي من جديد مع هذه الرواية المثيرة للمشاعر بخصوبة خضراء، والمُحرّضة على التأمّل ومراجعة النفس بتسبيحٍ على إيقاع المجاذيف!.