|


حمدالله والنصر.. علاقة متناقضات مآلها الأخير «المحكمة»

الرياض - إبراهيم الحمدان 2021.11.25 | 05:14 pm

3 أعوام وعليها أيام أُخر، تطلبتها رواية المغربي عبدالرزاق حمدالله والنصر لينسكب حبر السطر الأخير في كتاب جمع الأضداد، وشكلت صفحاته القوة والضعف، الحضور والغياب، الأضواء والرحيل.
من رحم الشدة والمقاساة، أطل مغربي تفيض به الأحلام كروية، مدجج بالمهارات والقوى، متخطياً معركة طاحنة مع إصابة رمت به على شفير النهاية، إذ غادرها مسجلاً انتصاراً ساحقاً منحه جواز العودة إلى الملاعب لاستئناف أمانيه.
النصر، كان المحطة التي استقبلته بعد إغلاق باب العيادة، وفي أغسطس 2018 بدأ الفصل الأجمل في مسيرة عبدالرزاق، وربما أنه الأقسى.
الأكثر جمالاً لأنه أوفى بوعده لأمه وأصدقاء طفولته حينما أخبرهم قائلاً:" سأكون أفضل اللاعبين، لن يوقفني شيئاً حتى أجلعم تفخرون بي"، فتى مدينة آسفي صديق صيادي السمك، والحرفيين، والذي نشأ على ساحل المحيط الأطلسي، دشن تجربته في العاصمة السعودية الرياض، بموسم حطم فيه كل شيء، المنافسين، الحراس، الدفاعات، وجميع الأرقام، الصامد منها، والمدون أخيراً.
34 هدفاً في 28 مباراة، رقم تاريخي انتزع به حمدالله لقب الهداف الأشرس، وأهدى معه فريقه الذهب الأغلى، كأس دوري محمد بن سلمان للمحترفين.
اقتحم لاعب الأندية الخمس قلوب النصراويين، زاحم في مكانته لديهم أساطير صالت وجالت أعوام وأعوام، أقل من 30 مباراة كانت كافية، فـ"الجلاد" وهو أحد الألقاب التي حازها من محبيه، بات السبيل لأي فوز، كل انتصار أصفر لن يقف عليه إلا حمدالله، هو من يسجل، وهو صاحب الأيادي البيضاء على أقرانه بشلال صناعات لا ينضب.
ثمة تعديلات طرأت على البيت الأصفر بعد الأشهر الوردية التسعة الأولى من حضور القناص، في الموسم الثاني لوح سعود السويلم الرئيس ذو الشعبية الكبيرة في المحيط الأصفر بيديه قاصداً الوداع، خلفه صفوان السويكت وجهاز إداري جديد بالكامل، فكان من أوائل أعماله الحفاظ على أكبر المكتسبات، وليس هنالك نبأ يُزف لجماهير النادي من الرئيس القادم للتو، مثل تجديد عقد حمدالله.
في الموسم الثاني لم تتغير الأحوال فنياً لدى المغربي الجائع كل 90 دقيقة للأهداف، لم تنقطع عادته عن زيارة الشباك، ولكن شيئاً ما حدث، حادثة تعرض لها اللاعب البارع خارج إطار المستطيل الأخضر، ذاع صيتها بين الأوساط، الرياضية وغيرها، عندما نشب خلاف بينه وأحد المسؤولين في المطار، ليعلو سقف المشكلة تلك وتجتاز إطارها إلى جهات الاختصاص، قبل أن يتم تلافيها ودياً.
عاد حمدالله بعد إغلاق ملف قضيته الأولى، لم يتبدل أمر واحد في ظهوره داخل الملعب، يسجل كما عرفه فريقه، وملثما يخشاه البقية، إلا أن هناك ما حدث له مع البرتغالي روي فيتوريا مدرب الفريق، والساعة تشير إلى السابعة قبل نحو 24 ساعة من لقاء دوري مهم ضد الفيصلي في المجمعة، قرر فيتوريا ترك المهاجم الهداف في الرياض، ولعب المباراة من دونه لأسباب تأديبية.
المشكلة الثانية انتهت، فرض روي نظامه، قبل ذلك المغربي، اعتذر من زملاءه، وتعهد بعدم الخروج عن النص، لتعود المياه إلى مجاريها، وسط قلق من البعض بدأ يلوح في الأفق من علاقة اللاعب والنادي.
في الموسم الثالث، وصل النصر إلى نصف نهائي دوري أبطال آسيا لأول مرة في تاريخه، كان الحلم أقرب من كل مرة، أما من صنع الانتصارات المؤدية إلى ذلك فهو حمدالله، 9 أهداف وتتويج بلقب الهداف، ومغادرة بعد ركلات ترجيح أحبطت كل ما هو نصراوي ضد بيرسبوليس.
ذلك الموسم 2020-2021، بدأ بصدمة آسيا، ومن بعده أحكمت جائحة كورونا قبضتها على الأصفر، ولكن الأسوأ تمثل في الإصابات، حيث رمت باللاعبين واحداً تلو الآخر على سرير العيادة، بينهم المغربي الذي تعافى أولاً وشارك في الدوري وأهدر 4 جزائيات، وفي إحدى المباريات انقض على سلطان الغنام زميله غضباً على الهواء مباشرة وسط ذهول الجميع، الحلفاء قبل المنافسين، مشكلة ثالثة احتوتها الإدارة، وشهد المعسكر صلح بين الثنائي.
الموسم الأصعب للهداف مع فريقه، لم ينته عند نقطة اختلاف واحدة، فالغيابات ازدادت، ومعدل المباريات انخفض، وطلبات اللاعب ارتفعت بالمغادرة إلى الخارج للعلاج، وهو ماشكل محور اختلاف في الأوساط حول مسببات سفر حمدالله.
رحل السويكت، حضر مسلي آل معمر، رئيس جديد، مدرب جديد، زملاء جدد، والعديد من الاختلافات بين 2018 و2021، بينها عبدالرزاق، الذي لم يعد دائم الحضور، في المباريات، أو حتى على لائحة مسلجي الأهداف، ولكنه تصدر "ترند" مواقع التواصل الاجتماعي، ليس مرة ولا اثنتين، واحدة بسبب أحاديث شقيقه ومن أطلق على نفسه وكيل أعماله، وأخرى لأن اللاعب يرغب في الرحيل عندما غاب عن لقاء الفيصلي.
في نوفمبر 2021، كان كل شيء شاحب في النصر، نتائجه، مدرجه الخالي من الأنصار، تعديلات إدارية طرأت فجأة، مدرب يُقال، مدير يستقيل، وفريق لا يعرف كيف يفوز.
الأجواء الباهتة فيرالنصر جعلت كل شيء وارد الحدوث، حتى وإن كان رحيل حمدالله، وببساطة، ذلك ما صدر عن الإدارة في نبأ عاجل:" النادي أنهى علاقته التعاقدية مع حمدالله"، وهكذا انتهى كل شيء، رحيل باهت، في خبر بارد، ولحظات ساخنة على جماهير الأصفر، لم يكن هناك مجال للوداع، اللاعب الذي شارك مقطع مع متابعيه صباحا في التدريبات، أصبح خارج أسوار النادي مساءً، حدث هذا في الـ23 من نوفمبر، الذي في ذكراه قبل عام خسر حمدالله مع النصر أمام الهلال دورياً وألغي حينها هدفاً له، وبعد 12 شهراً بالتمام، خسر عبدالرزاق فرصته مع الأصفر، وألغي عقده بالكامل، خلال الشهر الذي لا يبتسم للنصر دائماً.
اللحظات الملاح والليالي الحالمة، حمدالله على الأعناق مع هتافات العشاق، والحروف المنهمرة إشادة من أقلام المحبين، أخذ يزل شيئاً فشيئا، أزمة تُغلق وأخرى تطل برأسها، حتى اختلفت الأصوات تجاه ابن آسفي، أهداف تُهدر، أنفاس تُحبس، حتى أصبح حمدالله والنزاعات والنصر أطراف على ورق، داخل ملف عنوانه «قضية الموسم والعقد المخلوع»، في أيدي محامين محطتهم الأخيرة المحكمة الرياضية.