|


رياض المسلم
خلط الهلال.. والراقصة والطبال
2022-02-25
في منتصف الثمانينيات أحدث فيلم “الراقصة والطبال” للأسطورة الراحل أحمد زكي، والنجمة نبيلة عبيد، ضجة فنية كبرى، ليس كونه تراقص على الخطوط الحمراء، أو عانقها، ولكن في العمق الفكري الذي تجسد في سباق الأهمية ومن أقوى من من؟! الطبلة أم الرقص؟
مصطلح التطبيل، بات تداوله في الوسط الرياضي أكثر من أسماء كبار النجوم من اللاعبين، ولست ضد المشجع الذي يطبّل لتمجيد فريقه وجعله غزالًا في عينه دائمًا، ففي النهاية يندرج تحت بند “العاطفة” المقبولة طالما أنه لم يتخط الحدود والأنظمة ويتمحور في دائرة “الطقطقة” المباحة.. وأيضًا اعتدنا على تحوّل الكثير من أقلام الصحافيين إلى “عصيان الطبول” لأنديتهم متناسين أن مهنتهم تحتم عليهم الأمانة التي لا يعرفون منها سوى الاسم فقط، ولو سألت أحدهم عنها لأجاب بأنها في شمال الرياض.. ويقصد “حي الأمانة”.. وهؤلاء ليس عليهم حرج كبير كونهم في الأصل مشجعين لبسوا ثياب الصحافة بمباركة من رؤسائهم، وأصبح التطبيل على عينك يا تاجر، وهم معروفون بتعصبهم وانحيازهم إلى أنديتهم أكثر من كونهم ينتمون إلى بلاط صاحبة الجلالة التي تخجل من أفعالهم ولكنها “حنونة” عليهم..
المصيبة الكبرى في من يختبئ خلف ستار المثالية والالتزام المهنيّ، وسرعان ما يكشف غطاءه في أول منافسة حامية تعريّه، أحد النقاد المعروفين بعشقه للحديث الفني والحيادية، كتب بعد فوز الهلال على النصر في المباراة الأخيرة في دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، لا تستفز هلاليًا فيخلطك”، وهو لا يعرف بأنه استفز بهذه الكلمات الكثير من الجماهير والمتابعين له من العقلاء أحدهم علّق “من المؤسف أن ندفع اشتراكًا في قناة من أجل مشاهدتك”..
ليس وحده الناقد المستمد خبرته من متابعة مقاطع اليوتيوب في كرة القدم، ولكن هناك الكثير منهم على شاكلته يختبئون في ساحة القتال ويظهرون في لحظات النصر، ليبثوا سموم التعصب والكراهية..
بعد مباراة الديربي، ظهرت مناظر من الكثير من النقاد والصحافيين مخجلة سواء في حساباتهم الشخصية أو منصاتهم الإعلامية، والبعض منهم تجاوز الخمسين من عمره لكن طبلته لا تزال في ريعان شبابها لا تكبر أبدًا..
لا مانع من التطبيل للرقص الجميل في الملعب، والتغني به لكن من دون إسفاف أو إساءة، فطبلتكم صوتها سرعان ما يذهب، وتزيد من أوزار “حماقاتكم”..
وبالمناسبة، انتهى الجدل الكبير في الفيلم بين من الأقوى حضورًا الرقص أم الطبال لصالح نبيلة، وظل الراحل يطبل وحده في الشوارع ولم يوجد من يسمع له وانتهى الفيلم، فمهما عمل الطبال ولو زاد على أصابعه العشرة مثلها فلن يتجاوز الحقيقة.