|


رياض المسلم
«وشووّ يعني 400 ألف»
2022-06-03
ردد على مسامعنا كثيرًا مقولة “من أمن العقوبة أساء الأدب”، فكلما نفذ العقاب اختفى “قليلو الأدب”، لكن في أيامنا هذه خرج علينا بعض من نشطاء وسائل التواصل من لا تهمه اللوائح والأنظمة، بل يستهين بها، وآخرون يبحثون عنها كونها تمنحهم صيتًا، فمن أمن العقوبة عرفنا الحد منهم وإيقافهم، لكن كيف نردع المستخفين بها؟!.
تعاقب هيئة الإعلام المرئي والمسموع إحدى الزائرات العربيات من الناشطات في تطبيق “سناب شات” على مخالفاتها بفرض عقوبة 400 ألف ريال، كونها ارتكبت أربع مخالفات صريحة، من باب تعديل مسار المخطئ، وإلا ما كان في القصاص حياة، ولكن استفزني مقطع فيديو، ولست الوحيد، بل الكثير من الزملاء الصحافيين، خروج إحدى الناشطات في السوشال ميديا، وتعلق على عقوبة ابنة جلدتها، لتقول: “وشو يعني 400 ألف ريال عقوبة، هذي تدخلها من إعلانين أو ثلاثة وفي وقت قصير”..
ذلك الرد فيه من الاستفزاز الكثير، والاستخفاف بعقوبة صدرت من جهة حكومية، لكنها تتحدث بالواقع، للأسف الشديد، وقبلها عقوبة مماثلة تجاه ناشطتين سعوديتين أساءتا الفعل أثناء سفرهما إلى الخارج، وأوقعت الهيئة الـ 400 ألف ريال ذاتها عليهنّ، لكن المضحك المبكي أنهما واصلتا حضورهما النشط في “سناب شات” وبقية التطبيقات، والتلميح من بعيد عن العقوبة، مبتهجتان وكأن الـ 400 ألف ريال، أدرجت بالنسبة لهن في بند “المكافآت” وليس الغرامات، وبالفعل استثمرتا تلك العقوبة، وكسبتا “الصيت” و”الغنى” من الإعلانات، التي أعقبت الغرامة، وكأن بعض الشركات يتعمدون تعويضهن بطريقة غير مباشرة..
العقوبة المالية، لم تعد مجدية مع هؤلاء، وعلى القائمين على الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أن يراجعوا لائحة العقوبات، وأن تغلّظ، فليس هناك أقسى من التهاون بالقانون والاستخفاف بأحكامه..
وفي تجربة سابقة لبعض الجهات المختصة تجاه بعض الناشطين والناشطات في وسائل التواصل الاجتماعي، تم إيقاف حساباتهم الشخصية في تلك الوسائل، إضافة إلى الغرامة المالية، فعرفوا “الجادة”، وتوقفوا عن العبث الإلكتروني في مجتمعنا..
الهيئة أحسنت بفتح نافذة التواصل مع العامة، بالإبلاغ عن المخالفين والمخالفات من “مهرجيّ السوشال ميديا”، ونطلب تفاعلًا أكبر من الجميع لردع هؤلاء، ولكن الدور يبقى عليها، أن تعيد النظر في لائحة العقوبات، ولا تكتفي بالغرامة المالية، وأن تصوغّ مسودة جديدة في العقوبة، تتضمن أهم بند، وهو إيقاف الحسابات، وحذفها، إن استدعى الأمر.. هنا فقط سيرتدع الكثير منهم، وسيعود الصفو إلى عالم مجتمعنا الذكي، بعد أن أفسدوه بغبائهم..