|


أكرابوفيتش مدرب الوحدة.. صارم مزقت الحرب قلبه

الرياض - إبراهيم الأنصاري 2022.07.09 | 08:11 pm

لا ينسى الناس في البوسنة والهرسك، البلد البلقاني الجميل صاحب الطبيعة الساحرة، أحداث الحرب الأهلية الدامية 1992-1995م، التي لم تترك منزلاً بوسنيًا إلا وكان له ضحايا يندبهم ويبكيهم حتى الآن وكان برونو أكرابوفيتش مدرب الوحدة الجديد، أحدهم وهو الذي فقد والده خلال تلك الحرب ولم يستطع حضور جنازته.
في مدينة تقع في قلب البوسنة تدعى "زينيتسا" تبعد 70 كيلومترًا شمال العاصمة سراييفو ولد برونو أكرابوفيتش الذي سمته والدته برونو تمييزًا له عن الأسماء الشائعة في البلاد، ويحكي عن قصته مع التسمية قائلاً: «ذهبت والدتي لرؤية عمتي التي كان لديها ضيوف وكان اسم طفلهم برونو، تذكرت والدتي الاسم وقالت: إذا وُلِد ابني، فسيكون اسمه برونو، أعتقد أنني برونو الوحيد في البوسنة».
خلال سنوات طفولته فجع برونو بوفاة شقيقته الصغرى والتي يقول إنه يستطع أن يفهم أنها لن تكون هناك في اليوم التالي، ولم يكن هناك يوم لم يفكر فيه في اللحظة التي فقد فيها أخته وظلت تطارده طوال حياته.
لم تشكل المأساة التي خلفتها وفاة شقيقته إلا طريقًا يعبر من خلاله برونو صاحب الـ 14 عامًا حينها إلى لعب كرة القدم، والتي يبحث من خلالها عن طريقة لنسيان موت شقيقته ويبذل قصارى جهده قائلاً لنفسه: «سأصبح لاعب كرة قدم، ولن يكون هناك أي عائق يمنعني من القيام بذلك».
بدأ الفتى البوسني مسيرته لاعبًا في مركز الوسط مع نادي شيليك زينيكا البوسني، بالقرب من مسقط رأسه مدينة زينيتسا عام 1987، ليتنقل بعدها بين عدد من الأندية الألمانية، من أبرزها ماينز، الذي لعب له ثلاثة مواسم بين عام 1994 و1997، وشارك خلالها في 97 مباراة، وسجل هدفين، وكان إلى جواره في الفريق يورجن كلوب، مدرب فريق ليفربول الإنجليزي حاليًّا، عندما كان لاعبًا، إضافة إلى إنرجي كوتبوس، الذي لعب له بين عامي 2000 و2002م، وخاض خلالها 67 مباراة، ليعتزل اللعب عام 2005، ويخوض عددًا من الدورات التدريبية قبل التوجه إلى عالم التدريب.
شكلت حرب البوسنة مطلع التسعينيات ذاكرة شعبية في وجدان الشعب البوسني، على وجه الخصوص بعد تعرضه إلى ما يشبه الإبادة العرقية على يد المليشيات الصربية ونظيرتها الكرواتية التي ارتكبت أبشع الفظائع والجرائم الإنسانية في العصر الحديث، في أحداث لم تشهد القارة الأوروبية مثيلاً لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
يقول أكرابوفيتش عن تلك الحرب: «خلال الحرب لم يكن هناك اتصال هاتفي في وقت من الأوقات، ذات ليلة حاولت 20-30 مرة للعثور على اتصال، لم يكن هناك شيء لمدة 4 أشهر تقريبًا لم أكن أعرف ما إذا كانت عائلتي على قيد الحياة، وكان والدي مريضا، وكان مصابًا بورم، توفي عام 1992، كنت أرغب في الذهاب إلى الجنازة، لكنني لم أستطع بسبب الحرب».
ويضيف المدرب البوسني: «توفي والدي يوم السبت وكان لدي مباراة يوم الأحد، سألني المدرب إذا كنت أرغب في اللعب، لم أكن أعرف ماذا أفعل وقررت اللعب، إنها المباراة الوحيدة في مسيرتي التي لا أتذكرها، ليس لدي أي فكرة عما حدث، أعلم أننا فزنا 2-0، كان يومًا أردت أن أنساه، قبل أن أموت، أخبرني والدي أنني سأعود إلى المنزل بنسبة 100 في المئة يومًا ما، لكنني لم أفعل ذلك أبدًا».
يشتهر المدرب البوسني البالغ من العمر 54 عامًا بجديته الصارمة حيث يقول عن نفسه: «من حيث المبدأ، أنا شخص منضبط، في البوسنة قالوا إنني ألماني كبير إشارة إلى شهرة الألمان بالانضباط، لكن حيث ذهبت إلى ألمانيا أصبح منضبطا أكثر من الألمان أنفسهم يشتمل نمط الحياة هناك على النظام والعمل والانضباط».
خلال قيادته فريق لوكوموتيف بلوفديف البلغاري أوقعته قرعة التصفيات الأولية من بطولة الدوري الأوروبي في مواجهة توتنهام الإنجليزي الذي كان يقوده حينها البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو وهي المواجهة التي فشل فيها برونو في كسب الرهان ضد ابنه الذي قال أن فريق والده لا يستطيع الصمود أمام العملاق الإنجليزي وسيخسر المباراة لا محالة في جميع الظروف، وهو ماحدث بالفعل حين سقط من أمام توتنهام 2-1 وودع الدوري الأوروبي.
في مكة يتمنى البوسني أكرابوفيتش أن يكتب التاريخ مجددًا ويقود الفرسان إلى البقاء في دوري المحترفين بعد أن مل محبيهم من حالة الصعود والهبوط التي لازمت الفريق خلال العقد الأخير وأن يجد لهم ابن مدينة زينيتسا موضعا بين الكبار بعد أن أنهكهم الترحال».