|


رياض المسلم
صناعة الثروات.. وتساقط الأساسيات
2022-07-30
المال عصب الحياة، مقولة عرفت منذ زمن بعيد، وصلاحيتها تمرّ على العصور، فلا تذبل أو تتساقط حروفها.. ولكن كيف لو كان المال يعصر الحياة ويعكرها؟!.. هنا يكون استثناءات حول المقولة.
خير من يتكلم عن المال هم رجاله، وهنا لا أعني الأموال البسيطة، بل أهل الثروات، فيتحدثوا عن تجاربهم، وكيف جمعوا الملايين، ورحلة كفاحهم، لتنير طريق الشباب، وقد يجدون من هذا الضوء ما يجعلهم أغنياء مستقبلًا.
تابعت حديث بعض من رجال الأعمال في منصة “ثمانية” والتطرق إلى تجربتهم العريضة والطويلة والناجحة، بالطبع، وإلا لما كانوا جلسوا على كرسي “سوالف بزنس” التابع للمنصة ذاتها، والكثير منهم يتحدث بلغة المال، وسرعان ما يتحول الحوار إلى توصيات لمن يصغرهم، ليستدلوا على طريق صناعة الثروة.. المال وحده من يتكلم، ولغة الأرقام تسيطر.
عند متابعتي للقاء رجل الأعمال عبد المحسن اليحيى، مؤسس مطاعم كودو، عبر “ثمانية” أيضًا توقعت بأنه سيواصل النهج ذاته حول صناعة الثروات، وكيفية الوصول إليها، لكنه خالف أقرانه، وترك سيفه ودرعه في أرض المعركة التجارية، واختار أن يعيش بطريقة مختلفة، مبينًا أن الحياة ليست كلها ركض وراء المال، فلم يعد أولوية بالنسبة له، واتخذ قرار الخروج من مضمار سباق الثروة، وتحقيق مبدأ الاكتفاء المالي.
أوضح اليحيى أن العمل والاجتماعات لم تعتد تستهويه، مشيرًا إلى أنه عندما تقدم به العمر دخل مرحلة التوازن الروحي والنفسي والاستمتاع بالحياة، فسلم المفتاح واتجه إلى مصحة خارجية، فعاد خفيف الروح والجسد، ويضيف رجل الأعمال المعتزل بأن قراره التاريخي رفع من علاقته مع خالقه، فصار أكثر قربًا ومع المحيطين به من عائلته وأصدقائه، وألتفت إلى الأعمال الخيرية والمساعدة، فحقق سعادة كبرى بعيدة عن المال.
الكثير من رجال الأعمال يستمروا في العمل والكر والفر في ميادين التجارة، متناسين أساسيات مهمة تتساقط على جنبات مشوارهم الطويل، الذي لا يتوقف إلا مع صدمة كبرى تواجههم، فليلتفتوا وراءهم ليدركوا بأنه فاتهم الشيء الكثير لا يشترى بالمال الذي يتهافتون خلفه.
أسئلة عدة تطرح في هذا الاتجاه.. فإيهما أهم الصحة أم المال؟.. وكيف يتم تحقيق الاكتفاء المادي؟.. ومتى تتقدم أساسيات الحياة على المال في قائمة الأولويات؟..
الإجابات على تلك الأسئلة تختلف من شخص إلى آخر، ولا يمكن أن تقاس في العموم، ولكن أنا مع مبدأ التوازن المالي، والقناعة والابتعاد عن الركض المتعب في مضمار الأموال والالتفات إلى أمور أكثر أهمية.