|


السومة والأهلي.. سقط البيت ورحل البطل.. وبقت الذكرى

الرياض - إبراهيم الأنصاري 2022.08.11 | 11:09 pm

في دير الزور، أكبر مدن الشرق السورية مسقط رأس العديد من الأدباء والشعراء المشاهير، الذين ذاع صيتهم في الوطن العربي، لكن عمر السومة كان الاستثناء من بين الجميع، بعد أن سَّطر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ المدينة العتيقة التي تفخر بأرضها الزراعية والمهاجم الشهير.
مع نهاية الثمانينيات الميلادية من العقد الماضي وُلد عمر جهاد السومة بحي شعبي من أحياء دير الزور، وكانت طفولته ما بين ملاعب كرة القدم في الحارة والمدرسة التي لم يكن متفوقًا فيها بقدر أشقاءه بسبب عشقه الشديد للساحرة المستديرة ومطاردته إياها جميع الأوقات ما جعل الحصول على الشهادة الدراسية آخر اهتماماته، وهو الذي سخر حياته من أجل كرة القدم، واعتاد قفز أسوار مدرسته ليستمتع باللعب، حتى بات ظاهرة وموهبة لافتة للأنظار في ملاعب الحواري.
لفت تألق الشاب الصغير وظاهرة ملاعب الحواري أنظار منسوبي نادي الفتوة، أكبر أندية دير الزور وممثلها وسفيرها بين كبار اللعبة في الدوري السوري، الذي استطاع أن يضم السومة بعمر "12 عامًا" مع أكاديمية النادي للناشئين، والتي توج معها بلقب الدوري تحت 18 عاماً وحصل السومة على لقب الهداف.
صعد السومة إلى فريق الفتوة الأول بعمر الـ17 عامًا، وكانت بدايته الصاروخية بدوري المحترفين، حيث وضع بصمته في الظهور الأول له، حين أحرز 14 هدفًا، وكان ثاني هدافي الدوري، إلا أن تألقه لم يمنع فريقه الفتوة من الهبوط إلى الدرجة الأولى.
في الموسم التالي، حمل الشاب الظاهرة ناديه الفتوة على أكتافه، وقاده إلى الصعود مجدداً إلى الدوري الممتاز، واستمر تألقه بدوري بلاده، برفقة فريق مدينته حتى رحل إلى الكويت وارتدى قميص القادسية.
في الكويت لم يخيب ابن دير الزور ظن المراهنين على موهبته رغم البدايات الصعبة التي واجهته، لكنه تجاوزها وبات الرقم الصعب بخارطة الفريق الكويتي الشهير ونجمه الأول، بعد أن قاده إلى التتويج بالعديد من الألقاب المحلية ولقب كأس الاتحاد الآسيوي.
كان فواز الحساوي رئيس نادي القادسية الكويتي في ذلك الوقت، أكبر المراهنين على موهبة الشاب السوري، وتزايدت ثقته أكثر وأكثر عقب التألق بالقميص الأصفر ليحاول حينها نقله إلى فريق نوتنجهام فورست الإنجليزي الذي يملكه الحساوي، ومنح السومة فرصة خوض تجربة مع الفريق الإنجليزي، ولم يخيب آماله بعد أن أعجب مدرب الفريق بإمكانياته، وطالب بضمه إلى الفريق لكن الإجراءات البريطانية المعقدة حرمت السومة من الظهور في بلاد الإنجليز.
لم يعلم الفتى السوري الشاب والمحطم من فشل إجراءات احترافه في إنجلترا، أن القدر كان يخبئ له الكثير، وأنه على موعد مع كتابة تاريخ جديد في مدينة جدة برفقة الأهلي السعودي، الذي تعاقد معه عام 2014 في صفقة لم يسبقها أي هالة إعلامية، وكانت من وجهة نظر العديد من أنصار النادي الجداوي، مجرد صفقة عابرة مثل الكثير من الصفقات التي طواها النسيان.
لم يحتج عمر السومة إلى الكثير من الوقت والمزيد من المباريات حتى يثبت نجاحه، واستطاع خلال أول ظهور له بقميص النادي الأهلي على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية "الجوهرة" أمام هجر في الجولة الأولى من الدوري موسم 2014، أن يضع بصمته ويحرز 3 أهداف "هاتريك" بحضور 58600 ألف مشجع أهلاوي خطف الفتى السوري قلوبهم منذ تلك اللحظة.
في موسمه الأول مع الأهلي حطم السومة وفريقه جميع الأرقام، ونال لقب هداف الدوري برصيد 22 هدفًا وقاد أخضر جدة إلى الفوز بلقب كأس ولي العهد، بعد غياب 8 أعوام وتحقيق وصافة الدوري، بعد منافسة شرسة مع النصر الذي حسم اللقب لصالحه في الجولات الأخيرة.
عاد السومة العام التالي، وقاد الأهلي إلى التتويج بلقب الدوري بعد غياب دام 33 عامًا، إضافة إلى كأس الملك، وتوج نفسه هدافًا للدوري برصيد 27 هدفًا، ليخطف نجومية الموسم دون منازع.
توالت بعدها إنجازات النجم السوري مع أخضر جدة، واستمرت ليالي الأهلي الملاح بعد الفوز بلقب كأس السوبر مطلع الموسم في لندن في أمسية كان السومة نجمها وصاحب الحسم فيها، لينطلق الدوري بعدها ويفقد الأهلي لقبه كبطل لصالح الهلال ويكتفي بالوصافة، فيما واصل السومة الجلوس على عرش صدارة الهدافين حين أنهى الموسم هدافاً برصيد 24 هدفًا.
مع توالي المواسم بدأ وهج الأهلي الفريق المرعب يخفت كثيراً، لكن السومة واصل الظهور وتوج نفسه هدافًا للدوري في الموسم الثالث تواليًا، لتبدأ بعدها قصة الترنح الأهلاوي ونهاية الأمسيات السعيدة وليالي الأفراح في شارع التحلية، حتى انتهت بهبوط الأهلي الموسم الماضي، ورحيل السومة إلى قطر، لتنتهي قصة 7 أعوام من الفرح والنهاية الحزينة.
اليوم سجل المهاجم السوري ظهوره الأول مع العربي القطري الذي تعاقد معه لمدة موسم واحد بنظام الإعارة، في المباراة التي كسبها فريقها أمام الريان 2-1، في حين يتأهب الأهلي من تركيا لخوض غمار منافسات دوري الدرجة الأولى "يلو"، وكأن الظروف ترفض أن تجمع الأهلي والسومة سوى بين الكبار وهم الكبار حقاً.