|


رياض المسلم
مندوب مبيعات برتبة صحافي
2022-08-20
اُختير للصحافة ألقابٌ عدة، لكن يتصدرها “مهنة المتاعب”، فلم يأت إلا تجسيدًا لواقع أهلها، وإيمانًا بالجهد الكبير الذي يبذلونه، وحتى مع تطور وسائل التقنية، إلا أن الحمل لا يزال متعبًا، وأرهقت المهنة كواهلهم، لكنّ العشق قبل أي شيء ما يدفعهم في الاستمرار، وهو الأمر الذي لا يعرفه عدا من طبعت قدماه في بلاط “صاحبة الجلالة”.
دخل على خط مهنة الصحافة الكثير ممن ليس لهم علاقة بها، ولم يكونوا يومًا ما أحد أبنائها، أو حتى بالتبني، فشهدنا لقب “إعلامي” يطلق على الكثير من مهرجيّ السوشال ميديا وحمقى منصاته، فليس كل من أمسك بهاتفه المحمول وصور مقطع فيديو أو صورة ثابتة وبثها يعتقد بأنه إعلامي، ويحق له ذلك، وإلا كل من أمسك المطرقة وهوى بها على الطاولة الخشبية نعتناه بالقاضي.
لن أفتح باب، تحول هؤلاء “المستغلون” لمنصات التواصل التي جعلت منهم إعلاميين دون وجه حق، وانكشفوا في ساحات الوغى سريعًا، ولكن هناك فئة مستترة تحت عباءة الصحافة دون أن يحدثوا ضجيجًا كما فعل حمقى السوشال ميديا، ويمارسون عمل الصحافة ويحضرون مؤتمراتها وندواتها وورش عملها، لكنهم لا يقتربون في أخبارها الحصرية أو انفراداتها، ولا يهمهم لقاءاتها الخاصة، فالأهم أن يعيشوا على قشورها وينتفعوا منها.
هؤلاء هم الكثير من مندوبي المبيعات الوافدين ممن ينتسبون إلى وسائل إعلامية، وطبيعة عملهم بعيدة عن الصحافة، فليس كل من عمل في الصحيفة يطلق عليه صحافي، وإلا لكان حارس بوابة النادي يحمي عرين الفريق الكروي.
هؤلاء يشمون رائحة المؤتمرات الصحافية والفعاليات، ويذهبون لها بحجة أنهم يعملون في الوسيلة الإعلامية، وعندما يبدأ المؤتمر الصحافي لا يوجهون الأسئلة، وعندما يركض الصحافيون “الحقيقيون” خلف المسؤولين بحثًا عن اللقاءات الخاصة، يركضون هم، لكن في الاتجاه نحو البوفيهات.
حضرت الكثير من المؤتمرات والفعاليات، وشاهدت ما أكتب الآن، فليست من وحي خيالي أو سد فراغ مقال، لكنه واقع مرير، بل إنّ هؤلاء الصحافيين “المزيفين” في تزايد، وأهل المهنة في تلاشٍ، لحين أصبحت بعض المؤتمرات الصحافية تنتهي دون طرح أسئلة.
هنا المشكلة تقع على المسؤولين في تلك الوسائل الإعلامية ممن سمح لهؤلاء المندوبين عن المبيعات بالحضور من أجل الحضور فقط، فلا يعرفون بأنهم يسيئون بذلك لسمعة الوسيلة الإعلامية، فلو لم يحضر صحافي لعذر أفضل من تكليف مندوب مبيعات يحلّ مكانه.
على القياديين في الصحف، وغيرها من الوسائل الإعلامية، أن يحدوا من هذه الظاهرة، فالصحافة لا يمثلها إلا أهلها.