إذا اعتبرنا الشمس والقمر والهواء رفاق الإنسان الثلاثة، فإن القمح بالضرورة رابعهم، ألا تكفي رفقة 11 ألف عام؟ قد تقل أو تزيد قليلًا حسب تقديرات العلماء لأول رفقة بين الإنسان والقمح، عندما بدأ بزراعته مكتشفًا كرم رفيقه الجديد، ومدركًا أن هذه الرفقة ضرورة تصب في مصلحته أولًا وثانيًا وثالثًا.
فالقمح شديد الوفاء، إن رآك مهتمًا بعنايته، أعاد اهتمامك على شكل سنابل مائلة من ثقل حملها، في كل واحدة ما بين 30 إلى 50 حبة، وكأنه يقول للمزارع المجتهد: على قدر التعب تنحني السنابل. وقد يكون المنظر الآسر للسنابل الممتدة للشمس هو أفضل جائزة للمزارع على تعبه، وكما قال غاندي (كي ينبت القمح ينبغي أن يتعب البذّار). يضع الدنماركيون محصول القمح الجيد مقياسًا لنجاح أعمالهم، أما العمل الذي لم يبذل فيه مجهود كاف وكانت نتائجه مخجلة فيعيدونه هو الآخر للحقل (لا نحصد القمح الجيد من الحقل السيئ). والقمح لا مزاح فيه لأنه الخبز والمعكرونة وعشرات الأطعمة الرئيسة، وهذا ما جعله يشغل أكبر المساحات الزراعية في الكرة الأرضية. يرمز القمح للخير، ولأن الكلمة (خير) فقد حملت أكثر من معنى، الخير.. النِعم، والخير فعل المعروف بالعطاء، يقول الشافعي (إن الشق وسط حبة القمح يرمز إلى أن النصف لك والنصف الآخر لأخيك). يقال وفي القول صدق بأن بعض الحروب أسبابها الطمع، إنما تتخفى وراء أسباب سموها كيفما شئتم.. من أجل العدالة.. الديمقراطية.. الحرية.. كلمات لا أكثر.. كلها ثياب الطمع! وفي تاريخ الطمع المتخفي بالأعذار كان القمح غاية، ومن أجله جيّشت الجيوش، ودارت المعارك، وسقط الضحايا، تمامًا مثلما دارت حروب الذهب والألماس سابقًا، وحروب حديثة من أجل النفط والغاز، يقول شارل ديجول (لا تبحثوا عن أسباب الحرب في براميل البارود، بل في أكياس القمح). كانت وما زالت وفرة القمح دليل رفاهية، ومصدر للسعادة التي يجب ألا نحصل عليها فقط، بل في أن نشارك في صناعتها، لأن السعادة مثل القمح، أو كما قيل: السعادة مثل القمح ينبغي ألا نستهلكه إذا لم نساهم في إنتاجه. منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية بدأ اسم القمح يظهر في نشرات الأخبار، وعلى لسان محللي الشأن الاقتصادي والسياسي: هناك أزمة قمح عالمية سببها الحرب وتعطل بواخر القمح في موانئ أوكرانيا، بعبارة أخرى.. هناك جوع قادم قد يصيب سكان بعض مناطق العالم التي تستورد القمح من أوكرانيا، فلا بديل حقيقي لفوائد القمح إلا القمح.. ولم تستعد الدول المعتمدة على القمح الأوكراني أنفاسها حتى تحركت البواخر باتجاهها. لا تعتبر أوكرانيا أكبر الدول المنتجة للقمح، وتأتي في المركز العاشر حسب ما قرأت، لكنها تصدر لبعض دول العالم التي تعتمد على قمح الأوكرانيين اعتمادًا كبيرًا أو كليًّا. كشفت أزمة القمح الأوكراني خطأً استراتيجيًا لهذه الدول: كيف اعتمدنا على غيرنا في توفير خبزنا؟ يقول بول كاجامي رئيس رواندا وصانع نهضتها العجيبة (على إفريقيا أن تضمن الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب بدل الاعتماد على أوكرانيا، فمن غير المقبول أن تكون أوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، هي المسؤولة فعليًا عن إطعام إفريقيا التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة).
فالقمح شديد الوفاء، إن رآك مهتمًا بعنايته، أعاد اهتمامك على شكل سنابل مائلة من ثقل حملها، في كل واحدة ما بين 30 إلى 50 حبة، وكأنه يقول للمزارع المجتهد: على قدر التعب تنحني السنابل. وقد يكون المنظر الآسر للسنابل الممتدة للشمس هو أفضل جائزة للمزارع على تعبه، وكما قال غاندي (كي ينبت القمح ينبغي أن يتعب البذّار). يضع الدنماركيون محصول القمح الجيد مقياسًا لنجاح أعمالهم، أما العمل الذي لم يبذل فيه مجهود كاف وكانت نتائجه مخجلة فيعيدونه هو الآخر للحقل (لا نحصد القمح الجيد من الحقل السيئ). والقمح لا مزاح فيه لأنه الخبز والمعكرونة وعشرات الأطعمة الرئيسة، وهذا ما جعله يشغل أكبر المساحات الزراعية في الكرة الأرضية. يرمز القمح للخير، ولأن الكلمة (خير) فقد حملت أكثر من معنى، الخير.. النِعم، والخير فعل المعروف بالعطاء، يقول الشافعي (إن الشق وسط حبة القمح يرمز إلى أن النصف لك والنصف الآخر لأخيك). يقال وفي القول صدق بأن بعض الحروب أسبابها الطمع، إنما تتخفى وراء أسباب سموها كيفما شئتم.. من أجل العدالة.. الديمقراطية.. الحرية.. كلمات لا أكثر.. كلها ثياب الطمع! وفي تاريخ الطمع المتخفي بالأعذار كان القمح غاية، ومن أجله جيّشت الجيوش، ودارت المعارك، وسقط الضحايا، تمامًا مثلما دارت حروب الذهب والألماس سابقًا، وحروب حديثة من أجل النفط والغاز، يقول شارل ديجول (لا تبحثوا عن أسباب الحرب في براميل البارود، بل في أكياس القمح). كانت وما زالت وفرة القمح دليل رفاهية، ومصدر للسعادة التي يجب ألا نحصل عليها فقط، بل في أن نشارك في صناعتها، لأن السعادة مثل القمح، أو كما قيل: السعادة مثل القمح ينبغي ألا نستهلكه إذا لم نساهم في إنتاجه. منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية بدأ اسم القمح يظهر في نشرات الأخبار، وعلى لسان محللي الشأن الاقتصادي والسياسي: هناك أزمة قمح عالمية سببها الحرب وتعطل بواخر القمح في موانئ أوكرانيا، بعبارة أخرى.. هناك جوع قادم قد يصيب سكان بعض مناطق العالم التي تستورد القمح من أوكرانيا، فلا بديل حقيقي لفوائد القمح إلا القمح.. ولم تستعد الدول المعتمدة على القمح الأوكراني أنفاسها حتى تحركت البواخر باتجاهها. لا تعتبر أوكرانيا أكبر الدول المنتجة للقمح، وتأتي في المركز العاشر حسب ما قرأت، لكنها تصدر لبعض دول العالم التي تعتمد على قمح الأوكرانيين اعتمادًا كبيرًا أو كليًّا. كشفت أزمة القمح الأوكراني خطأً استراتيجيًا لهذه الدول: كيف اعتمدنا على غيرنا في توفير خبزنا؟ يقول بول كاجامي رئيس رواندا وصانع نهضتها العجيبة (على إفريقيا أن تضمن الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب بدل الاعتماد على أوكرانيا، فمن غير المقبول أن تكون أوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، هي المسؤولة فعليًا عن إطعام إفريقيا التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة).