|


صالح الطريقي
السجن لمن يعشق ناديه
2022-11-16
نشرت بعض الصحف خبرًا ضبابيًّا مفاده: “مجلس الشورى يدرس مشروعًا لسن قانون يعاقب من ينشر التعصب الرياضي بالسجن”، الموقع الرسمي لمجلس الشورى لا يقدم توضيحات سوى “صوّت المجلس على المشروع بالموافقة” دون تفاصيل.
والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف سيحدد القانون من ينشر التعصب الرياضي، ليسجنه؟
في البدء التعصب كمصطلح هو “شعور داخلي يجعل الإنسان يشكل رأيًا ما دون أخذ وقت كافٍ للحكم عليه بإنصاف، وستجده عند جل المشجعين ورجال الأديان وغالبية الإعلاميين وبعض المفكرين وقلة من العلماء والفلاسفة.
والتعصب مرتبط إلى حد ما بغريزة الغيرة، فحين يشعر الإنسان بأن علاقته القوية بكيان أو شخص أو فكرة تهدد من طرف آخر منافس، يصبح ضده.
وللتعصب عدة خصائص، أهمها أن لدى المتعصب حكمًا مسبقًا وفي الغالب لا يكون له أساس بالواقع، ولا يوجد سند منطقي يدعمه.
أعود للسؤال “كيف نحدد من ينشر التعصب لنسجنه”؛ لأقول: يصعب علينا تحديد مثل هذا، فعلى سبيل المثال:
لنفرض أن مشجعًا لناد ليس لديه كثافة جماهيرية رأى أن فريقه يستحق “ضربة جزاء” وأن الحكم ظلم فريقه وهزمه.
وكان الفريق المنافس صاحب جماهيرية، فشنت الجماهير حملة ضده “وأنه ينشر التعصب، ويشكك بنزاهة الرياضة”، هل سنخضعه للقانون ونسجنه على رأيه؟
وهل سنطبق هذا على المشجع الآخر للنادي صاحب الجماهيرية، وإن لم تشن حملة ضده؟
وما الذي سنفعله إن قال متعصب ما قاله “عدنان جستنية” في التلفزيون “75 % من بطولات الهلال بأخطاء تحكيمية”، أو ما قاله بعض إعلاميي الهلال “النصر فاز في الدوري بالدفع الرباعي”؟
قد يقول البعض: القوانين لمعاقبة من يسب أو يتهم الآخر /المنافس/ الجهة المنظمة بتهمة أخلاقية “قذف”، لأننا إن تركناه سينشر التعصب، فالبقية سيقلدونه إن لم يعاقب.
وهذا التبرير يؤكد أننا لا نحتاج لسن قوانين جديدة، فلدينا قوانين تعاقب من يسيء أو يسب أو يقذف الكيان أو الفرد، فلماذا نخترع قوانين جديدة لا يمكن تحديدها “فالمتعصب ما هو إلا عاشق لناديه”، فهل نسجن العاشق لحبه؟
خلاصة القول:
أتمنى ألا ينشغل مجلس الشورى بهذا المشروع، فقوانينه ستكون ضبابية، ولا يمكن لنا تحديدها.
لأنها ستكون أشبه ببعض نصوص دستور “الولايات المتحدة الأمريكية”، إذ تؤكد المادة الثانية على “حق حرية التعبير والمعتقد لكل مواطن”، ومادة أخرى تتوعد “بمعاقبة كل من يهدد أمن الدولة بالقول أو بالفعل”، ولا أحد يخبر المواطنين أين تبدأ حدود أمن الدولة، ومتى تنتهي حدود حرية التعبير؟