بونو.. تعلم 10 أعوام في إسبانيا.. ثم صدمهم في المونديال
الـ14 من يونيو 2012، شدّ المغربي الحالم صاحب الـ20 عامًا رحاله إلى مدريد عاصمة إسبانيا، يسبقه حلمه إلى مدينة الثقافة والاقتصاد وبالتأكيد.. كرة القدم، هناك وصل ياسين بونو، بعد أن وضب في حقيبته مجموعة أمنيات، وقفاز، وكثير من الثقة.
ثقة زرعها فيه بونو الأب.. والده الذي كان مهندسًا، يفكر دوما، يبني كل شيء، ويتخذ خطواته بعد دراسة مستفيضة، منها نشأة ياسين، حيث قدم له العون دومًا، وألهمه بعد أن تمت ولادته في مونتريال، كندا، 1991، والعودة بعد ذلك إلى أراضي الوطن، المغرب، حيث بدأ يتشكل واقع الابن شيئًا، فشيئًا.
في الدار البيضاء، ترعرع الفتى الطويل، من كان يعد العملاق بين أقرانه، حتى وهو يصغرهم عمرًا أحيانًا، لا تفوته الكرات في تحديات الأصدقاء، يفوز أي فريق يلعب في صفوفه عندما يكون الموعد في ذاك الملعب، آخر الحي، فهو يتمتع بصفات هائلة، تجعله يتصدى لكل الكرات دون مصاعب، أو كلل.
في 2010، انضم بونو إلى أكاديمية الوداد المغربي، وتدرج هناك، حتى جاء الموعد الأول للظهور، إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا 2011، الوداد - فريقه - ضد الترجي التونسي، أتيحت أول الفرص بعد إصابة المخضرم حينها المياغير، لعب بونو وهو لم يجتز الـ19، قدم الكثير، ولكن قبل هدفاً واحداً، انتهت عليه المباراة، خسر الوداد، وكان الحارس بونو، وهي اللحظة التي منها انطلق الحارس المغربي الأشهر اليوم، لم يتوقف هناك، لقد كان الألم دافع لمسيرة مختلفة، وكانت الهزيمة هي اللقاح، لقاح يعطي القوة، يمنع الإحباط، يفتح أبواب النجاح.
التحق بعد ذلك بونو بنادي أتلتيكو مدريد، في 2012، بدأ التدرب بالمستوى الاحترافي الكامل، اللعب لأندية تنافس مع أكبر فريق العالم، إعارة إلى سرقسطة في تارة، خوض بعض التجريبيات مع الأتليتي في أخرى، دخول معارك كروية طاحنة وهو حارس لفريق مقاطعة جيرونا، ثم التوقيع أخيراً إلى إشبيلية وضمان المركز الأساسي مع النادي العريق منذ 2020.
وبعد أن لعب في مسيرته 343 مباراة، بين أندية صقلته، وتجارب دولية منحته الخبرة، حان الوقت لكأس العالم 2022، البطولة التي تعد الحلم الأكبر والأضخم في حياة كل رياضي، كل لاعب، كل فرد يتابع المستديرة على وجه الأرض، قرر وليد الركراكي مدرب المغرب اعتماد بونو أول لاعب في قائمة الـ26 لاعباً المشاركين في المونديال.
الحارس البالغ طوله 191، بدأ مع أسود الأطلس، في استهلالية المشوار ضد الكروات، غاب بعد ذلك أمام بلجيكا، ولعب مرة أخرى كندا، حقق 7.20 كرقم في إجمالي مبارياته في كأس العالم حتى الآن، وعلامة 8.0 في أكبر مباراة في تاريخ منتخب المغرب.
بالتأكيد كان بونو الأعلى تقييما بدرجته تلك، وربما يظن البعض أنها أقل مما فعله ياسين، بعد أن وقف سدا منيعاً، أمام الإسبان، ليست مرة، ولا اثنتين، بل ثلاثا، واحدة تلو الأخرى، كان يبهر العالم كله وهو يتجه إلى كرات لاعبي التورو، يقرأهم بكل سهولة، دون عناء، ما جعلهم يبدون مرهقين قبل التصويب على مرمى حارس ناديهم، وكأنهم كانوا يعلمون أن لا فائدة من المحاولات أمامه هذه المرة.
فاز منتخب المغرب، ببسالة نجومه، وذكاء بونو، الذي درس.. خطط .. وأنشأ أفكاره كما يفعل والده المهندس.