|


صالح الطريقي
الخروف والفلاسفة والرعاع
2022-12-07
قبل أسبوعين كتبت “قصة قصيرة” في “تويتر”، وكان فحواها :
يُحكى أن ثعلب رأى خروفًا يمشي وحيدًا في الصحراء، فاستغرب لعدم وجود قطيع معه.
سأله : هل أنت تائه؟
رد الخروف : لا، أنا منفي.
قال الثعلب : لماذا؟
رد : كان القطيع يردد “ماااااع” دائمًا، ذات يوم قررت أن أكون مختلفًا، فقلت “مااع” فغضب القطيع لأنني قلت “مااع”، وطالبوا بنفيي حتى لا أضلهم “انتهت”.
لم أشرح من أين استوحيت فكرة القصة، لأرى من سيصل للفكرة، أو من سيفهم مغزى القصة.
وكانت فكرة القصة مستوحاة من السيرة الذاتية لجل إن لم أقل كل الفلاسفة منذ أن حكم على “سقراط” بأن يشرب السم بتهمة “إفساد شباب اليونان” مرورًا بتلاميذه أفلاطون وأرسطو “470-322 قبل الميلاد”، وفلاسفة عصر النهضة وعصر التنوير أو عصر المنطق من أواخر العصور الوسطى “بداية القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن الثامن عشر، الذين عاشوا منفيين ومطاردين بسبب فكرهم.
وكانت التهمة الموجهة لكل الفلاسفة كتهمة الخروف في القصة “إفساد القطيع أو إفساد شباب أوروبا”.
المدهش أن الغالبية العظمى للردود “675” كانت عبارة عن سب وشتم وتنمر ضد الكاتب مع أنهم لم يفهموا المغزى، أو هكذا بدا لي الأمر.
إذ لا يمكن لشخص فهم القصة، أن يشن هجومًا على كاتبها، فهي ـ أي القصة ـ تدعو لتقبل الاختلاف والتنوع والفردانية، وأن المجتمعات تتطور بمقدار تنوع وتعدد أفكار أفرادها.
الشاهد : إن كان الجميع يفكرون بنفس الطريقة، أو إن كان الخرفان يرددون “مااااع”، فالجميع سيصلون إلى نفس الحل أو اللحن، أي لن يكون لدينا سوى حل واحد أو لحن واحد، أما إن عززنا الاختلاف والتنوع والفردانية فسيكون لدينا مئات الطرق لحل المشكلة، أهمها صدرت من عقل المبدع الذي لم يطرد كما طرد القطيع الفلاسفة والخروف.
أعود إلى السيرة الذاتية “للفلاسفة” لأقول : المضحك المبكي بعد إعدام أو طرد ونفي الفلاسفة عبر تاريخ البشرية، يعود القطيع ليؤمنوا بأفكار الفلاسفة بعد موتهم.
ويبقى سؤال :
“هل الرعاع يمثلون غالبية المجتمعات، أم أنهم أقلية لكنهم منظمين كـ”حزب الله والإخوان”، فيبدو للمراقب أنهم يشكلون الغالبية فيما هم أقلية لكن صوتهم عال، بعكس الغالبية الصامتة؟
أيا كان الجواب إلا أن الواقع يخبرنا أن الرعاع مازالوا ينتصرون.