|


صالح الطريقي
حركة «رونالدو» والقانون
2023-05-03
بعد صدور قرار “لجنة الانضباط والأخلاق” بحق لاعب الاتحاد “زكريا هوساوي” ومعاقبته على “البصق” تجاه لاعب منافس بالإيقاف 6 مباريات وتغريمه 60 ألف ريال، كما تنص اللائحة، عادت حركة “رونالدو” للمشهد للقياس، أو ليسأل البعض: لماذا عوقب هذا ولم يعاقب ذاك؟
وكأن الحركتين/ القضيتين متشابهتان، وطالما عوقب لاعب على “البصق”، فليعاقب “رونالدو”، وللأسف من تبنى هذه الحملة بعض إعلام “الحلف الثلاثي”، ولست أدري هل هذه الحملة سببها جهلهم بالقانون، أم يضللون الرأي العام؟
ولأني أحسن النية بهم، سأعتبره جهلًا، لأوضح الأسباب التي تجعل أي قاضٍ عادل لا يحكم على “رونالدو”.
لأنه ـ أي القاضي ـ لا يخضع الأمور لمزاجه أو ما يخمنه، بل بما يلزمه “الشرع/ القانون”.
وفي الشرع والقانون الوضعي قواعد يستند عليها القضاة في كل محاكم العالم، أهمها: “الأصل في الإنسان البراءة”، ومن هذه القاعدة تتفرع قواعد: “اليقين لا يزول بالشك” واليقين هو البراءة، والشك لن يزيل اليقين، لهذا تقول القاعدة في مثل هذه الأمور “الأصل بقاء ما كان على ما كان” طالما الشك لا يزيل اليقين.
ثم تأتي القاعدة الشرعية لتلزم القاضي “ادرؤوا الحدود بالشبهات”، ويوازيها في القانون الوضعي “الشك يفسر لمصلحة المتهم”، لأن براءة الإنسان هي الأصل/ اليقين، لهذا سيفسر الشك لمصلحته.
نأتي لحركة “رونالدو” لأسأل: هل تحتمل التأويل، أو التفسير، أما هي واضحة كقضية البصق تجاه لاعب منافس التي لا تحتمل تأويل؟
بالتأكيد هي ـ أي حركة “رونالدو” ـ تحتمل تفسيرين:
إما ردة فعل بسبب حكة لأسباب كثيرة يخبرنا بها أطباء الجلدية، ولا يحتمل المقال ذكرها، أو حركة بذيئة تجاه أحد.
هذان التفسيران سيخضعهما القاضي لقاعدة “الشك يفسر لمصلحة المتهم”، التي نشأت ليقدر “الدليل/ حركة رونالدو”، فإن تطرق الشك في حقيقة الدليل “أي يحتمل حكة أو حركة بذيئة”.
وجب على القاضي رد الدليل، لأن الدليل يسقط إن تطرق له الاحتمال، أي قابل لعدة احتمالات.
وبالتالي تصبح اللقطة غير كافية لإدانة المتهم، ما لم يعترف هو أنه قصد الإساءة.
أخيرًا قد يسألني البعض:
هل يعني هذا أنك تبرئ “رونالدو”؟
باختصار: اللقطة لا تبرئه، ولا تدينه، فهي غير كافية لإلغاء قاعدة “الأصل في الإنسان البراءة”.
ويخيل لي وأكاد أجزم أن القاضي سيقول: “الأصل بقاء ما كان على ما كان” طالما الدليل لا يزيل اليقين.