دياز.. بين كابوس 2017 وحلم الـ28 عاما
قبل نحو 28 عامًا وعلى هدير وصخب 70 ألف غصت بهم جنبات ملعب «مونيمونتال»، قلعة «المليونيرات»، فريق ريفر بليت الأرجنتيني، الذي ارتجفت قلوب جماهيره حبًّا وهيامًا بـ «البيلادو»، رامون دياز بعد أن قادهم إلى تحقيق لقب بطولة كوبا ليبرتادوريس وكانت آخر ألقابه القارية، حيث يحلم باعتلاء منصة القارة من جديد أمام أوراوا، ظهر السبت.
رامون أبصر النور في الـ29 أغسطس 1959، لأبوين أرجنتينيين من الطبقة العاملة ولم يرث عن والده بارتولو دياز، عشق وانتماء ريفر بليت منذ صغره فقط، بل تشرّب من جيناته الموهبة الكروية، ونشأ في ميادين المستديرة، حتى بات أحد أساطير المارد الأحمر الذي تتغنى بهم الجماهير في محيط ملعب «مونيمونتال».
لم يكتف «البيلادو» كما تحب أن تسميه جماهير ريفر بالتألق مع لاعبا بل قاد الفريق الأرجنتيني إلى تحقيق اللقب القاري في العام 1996، على حساب أمريكا دو كالي الكولومبي بثنائية العقرب هيرنان كريسبو ولمسات إنزو فرانشيسكولي، الساحر الأوروجوياني، في حين كان دياز ينثر سحره من على مقاعد البدلاء كمدرب للفريق وكان اللقب الأخير له رغم تدريبه أكثر من 10 أندية في مختلف قارات العالم قبل أن يحط رحاله في الرياض في فترة ولاية مع أزرق العاصمة.
ولكن، ثمة كابوس أحمر يطل برأسه بين الحين والآخر لابن مدينة لاريوخا، وتحديداً بعد أن عادت ذكريات موجعة له حينما كان مدرباً لفريق الهلال 2017، وبلغ نهائي دوري أبطال آسيا، أمام أوراوا، وفي ليلة الذهاب، حدث ما لم يكن في الحسبان، سقط البرازيلي إدواردو، كلمة السر لدياز، والهلال بأكمله قبل أن تكمل المواجهة دقيقتها العاشرة، وفي الوقت ذاته، سجل الخصم هدفاً، وبعد دقائق أبلغه الطبي :« لن يكمل إدواردو المباراة، إصابته ستمنعه»، بعد ذلك عاد الازرق إلى أجواء اللقاء، سجل السوري عمر خربين هدفاً أنعش الآمال، انتهت عليه المباراة (1-1)، ولكن النبأ الأصعب سيأتي بعد حين.
إدواردو لم يغادر الذهاب مصاباً وحسب، بل أنه بات مضطراً لمغادر المستطيل الأخضر حتى نهاية الموسم، فالتشخيص الطبي لحالته «قطع في الرباط الصليبي»، وفي الإياب، زادت الأمور تعقيداً، سالم الدوسري يتلقى البطاقة الحمراء، خربين صاحب الهدف ذهاباً وهداف الفريق في البطولة، يطلب التغيير بسبب إصابة ألمت به، وأصحاب الأرض يستثمرون كل ذلك، يسجلون، يكسبون، ويطيرون بالذهب، وسط حسرات دياز المحاط بمفاجآت لم يضع أيا منها في اعتباراته.
رحل الأرجنتيني عن الهلال، دون أن يروض ذهب آسيا، ولسان حاله:« لم تكن الفرصة عادلة»، درب الاتحاد السعودي بعد ذلك، ثم غادر سريعا، واستقر لفترة مع النصر الإماراتي، قبل أن يعود الهلال ويستنجد به، لم يرفض دياز الطلب، عاد لتدريب الأزرق، وكأنه كان يحلم بلحظة تعيد إليه كل ما فاته، نهائي آسيوي من جديد؟ وماذا لو كان أوراوا المنافس أيضا؟
أفكار دياز، تحولت إلى واقع، فـ وصفة مهمة العبور إلى نهائي آسيا مضمونة، وأصبحت أكثر ضماناً بعد أن أصبح أوراوا الطرف الأول للنهائي، عادت الفرصة، كما يحلم الأرجنتيني، فتح الحظ أبوابه للمدرب العبقري، وأرسله مرة أخرى إلى المنافس الياباني الذي خطف من أمامه الكأس حينما تألم إدورادو، وسقط خربين، وطُرِد سالم.
سالم، قد يكون أول من عزز الأمل، بهدف في شباك الياباني عبر نسخة 2023، أو (نسخة ثأر دياز)، وقد يكون أول من أرعب رامون من كابوس 2017، لقد طُرد من جديد، وأكمل الهلال المباراة بـ10 لاعبين، وخسر دياز سلمان الفرج، فالقائد سيغيب في الإياب، وقبل هذا وذاك، لن يرافقه ياسر الشهراني إلى ملعب سايتاما، فهو غير مقيد في الكشوفات.
ماذا يحدث مع الأرجنتيني، هل الحظ العاثر كشر أنيابه من جديد؟ أو أن المدرب الذي يبحث عن لقب قاري آخر سيحقق حلمه، ويكتب ثأر غير أبه بالظروف والصعاب، ومتسلحاً بدرس عاش في داخله منذ 2017.
ساعات، وربما 90 دقيقة إضافية، وكل شيء يذهب إلى صفحة التاريخ، «دياز يثأر ويعانق الذهب»، أو «رياح المفاجآت تعصف بدياز مرة أخرى».