|


صالح الطريقي
العقليات.. «جيوفينكو وحمد الله» نموذجا
2023-05-10
“النفعية أو المذهب النفعي” الذي قال به “الفيلسوف أبيقور: غاية الإنسان البحث عن السعادة وتقليل الألم” تحكم جميع البشر، فالإنسان يبحث عن تحقيق مصالحه/ سعادته.
من هذا المذهب يمكن رؤية سلوك “جيوفينكو وحمد الله” مع ناديهما السابقين، وأيهما بحث عن مصلحته بعقلانية، وأيهما يحمل عقلًا مراهقًا يفكر بإيذاء الآخر وإن كان على حساب سمعته.
فكلاهما ـ أي “جيوفينكو وحمد الله” اختلفا مع “الهلال والنصر”، وذهبا للقضاء (صدر حكم لمصلحة جيوفينكو بدفع مستحقاته، وحكم ضد حمد الله للتفاوض مع نادٍ آخر، وحكم لمصلحته بدفع مستحقاته)، فكيف تعامل كل منهما بعد القضية؟
كان “جيوفينكو” وإن بدا أنه مؤدب أو كما يقال بالعامية “متربي” يحكمه مذهب النفعية “تحقيق مصالحه”، وكأنه يسأل نفسه: ما الحكمة أو ما المنفعة في مهاجمة نادٍ أخذت حقي منه، وانتهت علاقتنا؟
ومثل هذه الأسئلة لا تحتاج تفكيرًا طويلًا، فالإجابة سهلة لأي عقلاني، لأن مصلحته بالمضي قدمًا وترك الماضي بما فيه، فالهجوم على ناديه السابق، لن يسيء للنادي فقط، بل ويسيء له، إذ سيجعل الأندية الأخرى تفكر كثيرًا قبل التعاقد معه، خوفًا من أن يفعل بهم ما فعله بالنادي السابق، يهاجمهم ويشوههم.
وهذا ما فعله “جيوفينكو” بحث عن تحقيق مصالحه، كذلك العامة نظروا له على أنه “متربي”.
فيما “حمد الله” كان يمثل عقل المراهق، إذ أجاب عن سؤال المذيع “لماذا وقعت على بياض؟” قائلًا: “لأنه في رجال بهذا النادي”.
وقانونًا كما قلت بالمقال السابق عن “حركة رونالدو”: “يسقط الدليل إن تطرق له الاحتمال”، أي إن كان قابلًا لعدة احتمالات، وما قاله “حمد الله” قابل للتأويل.
لكنه ـ أي ما قاله ـ أغضب النصراويين، وأسعد كل أعداء النصر المراهقين بما فيهم إعلاميين سذج.
وهكذا هم السذج أو المراهقون فكريًّا، ولو قال “جيوفينكو” الكلام نفسه، لتبادل السذج الأدوار.
أما العقلاء من الطرفين لن يقبلوا هذا الكلام على أي نادٍ، لأن ما يحكمهم قاعدة (أحب لأخيه ما تحب لنفسك).
كذلك المحترف العقلاني لن يطلق مثل هذه التصاريح ضد ناديه السابق، ليس لأنه “متربي” كما يقول العامة فقط، بل ولأن “المذهب النفعي” يحتم عليه ألا يضر بمصالحه.
ويبقى السؤال للجيل الجديد الذي يفكر باحتراف أي مهنة:
هل ستكون “جيوفينكو” جديدًا، فتحقق مصالحك ويقال عنك “متربي”، أم تكون “حمد الله” تسعد المراهقين، على حساب مصلحتك.