بعد 98 عاما.. أنشيلوتي يخلع قبعة البرازيل

بعد صمود شارف على بلوغ حاجز الـ 100 عام، رفع أصحاب القرار في اتحاد كرة القدم البرازيلي راية الاستسلام، وانحنى شموخ صنّاع سحر المستديرة، أمام رياح التغيير الفنية، ليخلعوا قبعة التدبير الميدانية، ويضعوها على رأس خبير قادم من خارج حدود وطنهم الذي كان يرفض أن يقود منتخب بلادهم أي مدرب لا يحمل الجنسية البرازيلية.
فصل جديد عنوانه تغيير فني ومدرب إيطالي، يكتبه – على غير العادة - أبناء السامبا، الباحثون عن استعادة أمجادهم التي تغنوا بها عقودًا من الزمن، تسيدوا خلالها عرش العالم خمس مرات، وغاوبوا طوال 20 عامًا مضت، وذلك بالتعاقد مع الستيني كارلو أنشيلوتي لقيادة فرقة العزف الكروي المنفرد ابتداءً من بطولة كوبا أمريكا 2024، المقررة في الولايات المتحدة الأمريكية.
خطوة أشبه بالتحول الجيني، لأحد أهم العمالقة الكبار، ومعقل كرة القدم الناشر للإبداع والإمتاع حول العالم عبر تصدير المواهب الكروية من لاعبين ومدربين، بعد أن سيطرت الجينات البرازيلية على الدفة الفنية نحو 98 عامًا، تولى فيها زمام الأمور40 مدربًا، من أبناء الأرض، دون الاستعانة بأي قائد فني ميداني يحمل جنسية أخرى غير البرازيلية، بخلاف التجربة العابرة التي قاد فيها رامون بلاتيرو المدرب الأوروجوياني منتخب البرازيل عام 1925، ولم تدم أكثر من 60 يوماً، عندما انطلقت مطلع نوفمبر وانتهت بنهاية ديسمبر من العام ذاته، خاض خلالها 4 مباريات، كسب اثنتين وخسر واحدة وتعادل مثلها.
ولعل النجوم الخمس المطرزة بألوان ذهبية على القميص الأصفر، تشهد على إنجازات المدربين البرازيليين مع منتخب بلادهم المتوج بلقب كأس العالم أعوام 1958، 1962، 1970، 1994، 2002، كأكثر حاصل على الذهب، فيما يعد فلافيو كوستا المدرب الأكثر بقاءً في منصبه بعد أن قضى 2254 يوماً، خاض خلالها 41 مباراة.
وبعد سقوط ورقة البرازيل من شجرة المنتخبات المتمسكة بأبنائها لقيادتها، والرافضة لاستقطاب أسماء من خارج بلادها، لم يبق سوى منتخبي ألمانيا وإسبانيا البعيدين عن المدربين القادمين من خارج حدود دولتهما حيث تناوب على «الماكينات» 11 مدرباً، فيما قاد «الماتادور» 39 مديراً فنياً، أبرزهم فيسنتي ديل بوسكي الذي أهداه كأس العالم 2010 للمرة الأولى في تاريخه.
وعلى صعيد الأندية الاوروبية، يسجل المدرب البرازيلي غيابا تاماً عن المشهد، إذ يعود آخر ظهور لمدرب من «أرض السامبا» في القارة العجوز إلى 2009، حينما قاد فليبي سكولاري تدريب تشيلسي لكن مهمته لم تستمر طويلاً، وأقيل بعد 7 أشهر فقط من توليه المنصب بسبب سوء النتائج.
وعلى عكس تجربته القصيرة مع تشيلسي، كان لسكولاري تجربة ناجحة مع المنتخب البرتغالي، حيث قاده إلى نهائي «يورو 2004»، ونصف نهائي كأس العالم 2006.
وتزامن ذلك، مع مسيرة لمدرب برازيلي آخر في الملاعب الأوروبية، وهو فاندرلي لوكسمبورجو الذي قاد ريال مدريد موسم 2005-2006 قبل أن يحزم حقائبه ويعود سريعاً إلى بلاده.
رياح التغيير التي هبت على دفة معقل الساحرة المستديرة، حملت الأوراق إلى ساحة العلم والمعرفة، ومنحت أوروبا السيطرة المطلقة على صناعة الكرة في العالم وصولًا إلى شواطئ «الكوباكابانا»
وامام المد الأوروبي يصف باولو أوتوري المدرب البرازيلي الفائز بكأس ليبرتادوريس لأندية أمريكا الجنوبية مرتين مع كروزيرو وساو باولو، غياب المدرب البرازيلي عن أوروبا بـ«الأمر الطبيعي» في ظل الانطباع السائد حالياً عن عدم تطور المدرسة الفنية البرازيلية، وقال في تصريحات سابقة نقلتها «رويتز»: «الناس تقول دوماً إن المدربين البرازيليين ليسوا على ما يرام، وأن اللاعبين الذين يخرجون من البرازيل هم من الصفوة على عكس الحال بالنسبة للمدربين».
وأضاف: «لا يتم توجيه الدعوة إلى المدربين البرازيليين للعمل في أوروبا، وآخر مدربين هما سكولاري ولوكسمبورجو، ورغم أنهما من الصفوة في البرازيل إلا أن تجربتهما الأوروبية لم تتكلل بالنجاح».
