تعتبر التسعينيات الميلادية ربيع المجلات وازدهارها، عشرات المجلات العربية على أرفف المكتبات والبقالات ومحطات البنزين، وكانت مجلة واحدة تكفي لأن تكون رفيقة ليلة أو ليلتين، تقرأ جديد القصائد وتتعرف على آراء الشعراء، تقرأ اللقاءات الحوارية للفنانين والرياضيين، ثم تتعرف على مواهب ومختصين في مجالات متعددة.
المجلات كانت ممتعة حتى وإن كان بعضها ضعيفًا في التحرير والإخراج، لكنها كانت من ضمن الكثير من المجلات المميزة. اليوم بالكاد تجد مجلة أو مجلتين على الأرفف لأن معظمها توقف عن الصدور، بينما تحول القليل منها للإصدار الإلكتروني. قبل شهرين وفي بقالة في عاصمة أوروبية تفاجأت بعشرات المجلات على الأرفف وكأنني عدت بالزمن إلى التسعينات وبداية الألفية الثانية. عندما غادرت جاء في ذهني السؤال التالي: لماذا اختفت معظم المجلات الورقية في عالمنا العربي بينما صمد الكثير منها في أوروبا؟ منذ ذلك السؤال وإلى يومنا هذا وأنا أتلقى أجوبة من عقلي، بعضها فيه شيء من الإقناع وبعضها غادرني لعدم قناعتي به. لا أعرف السبب أو الأسباب المؤكدة لكني أستطيع الخوض في الأمر بعض الشيء. كل مشروع إعلامي يجب ألا يكون منطلقه ماديًا بالدرجة الأولى، لأن الإعلام يقفز فوق الحسابات التجارية، وفوائده لا تنحصر بالمردود المادي، ونجاحه لا يقاس بحجم الدخل، كما أنه مشروع طويل الأجل سواء في الأهداف أو تحقيق الإيرادات. ما حصل في التسعينات وبداية الألفين من تفجر في صدور المجلات أسبابه متعددة، منها أن هناك من كان يحب الأدب والشعر فاستثمر فيما يحب وأصدر مجلة بدافع الحب أولًا، وهناك من رأى في تملك مجلة واجهة اجتماعية فأصدر مجلة، وهناك من رأى أنها مشروع تجاري جيد في وقت كانت فيه قراءة المجلات مزدهرة. ربما يكون المحب للأدب والشعر أو المحب لتخصصه أيًا كان هو الأكثر تماسكًا في المحافظة على مجلته لأنه مدفوع بقوة عاطفية، لكن هذه العاطفة لا تكفي إن لم يسايرها فكر لتنوع الدخل المالي حتى تبقى المجلة على قيد الحياة، أما من أصدر مجلة للواجهة الاجتماعية فربما تشبع من هذه الواجهة ولم تعد تعنيه، أو رأى أنها تستنزف المال بعد ظهور الإنترنت وانشغال الناس بالقادم الجديد الواسع، أما من أصدر مجلة كمشروع تجاري فهذا تاجر يدخل السوق أثناء الربح ويخرج قبل الخسارة. لكن شيئًا مهمًا ربما يكون هو السبب في قلة وجود مجلات عربية وهو أن لا أحد تخصص تخصصات عميقة كالتي شاهدتها في أوروبا، فهناك مجلة شهرية متخصصة بالسيارات الكلاسيك، وأخرى بالزراعات المنزلية، وهناك مجلات للأزياء، وهناك مجلات بتخصصات أخرى، هؤلاء جميعًا حددوا قرَّاءهم وعرفوا عددهم وطبعوا الكمية التي تناسبهم، أما الإعلانات المصدر الثاني المهم فكان من شركات من نفس تخصص المجلات. لست مقتنعًا بأن زمن المجلات انتهى، لأن القراء لا يتوقفون عن القراءة وانتشار الكتب وازدهارها دليل على ذلك.
المجلات كانت ممتعة حتى وإن كان بعضها ضعيفًا في التحرير والإخراج، لكنها كانت من ضمن الكثير من المجلات المميزة. اليوم بالكاد تجد مجلة أو مجلتين على الأرفف لأن معظمها توقف عن الصدور، بينما تحول القليل منها للإصدار الإلكتروني. قبل شهرين وفي بقالة في عاصمة أوروبية تفاجأت بعشرات المجلات على الأرفف وكأنني عدت بالزمن إلى التسعينات وبداية الألفية الثانية. عندما غادرت جاء في ذهني السؤال التالي: لماذا اختفت معظم المجلات الورقية في عالمنا العربي بينما صمد الكثير منها في أوروبا؟ منذ ذلك السؤال وإلى يومنا هذا وأنا أتلقى أجوبة من عقلي، بعضها فيه شيء من الإقناع وبعضها غادرني لعدم قناعتي به. لا أعرف السبب أو الأسباب المؤكدة لكني أستطيع الخوض في الأمر بعض الشيء. كل مشروع إعلامي يجب ألا يكون منطلقه ماديًا بالدرجة الأولى، لأن الإعلام يقفز فوق الحسابات التجارية، وفوائده لا تنحصر بالمردود المادي، ونجاحه لا يقاس بحجم الدخل، كما أنه مشروع طويل الأجل سواء في الأهداف أو تحقيق الإيرادات. ما حصل في التسعينات وبداية الألفين من تفجر في صدور المجلات أسبابه متعددة، منها أن هناك من كان يحب الأدب والشعر فاستثمر فيما يحب وأصدر مجلة بدافع الحب أولًا، وهناك من رأى في تملك مجلة واجهة اجتماعية فأصدر مجلة، وهناك من رأى أنها مشروع تجاري جيد في وقت كانت فيه قراءة المجلات مزدهرة. ربما يكون المحب للأدب والشعر أو المحب لتخصصه أيًا كان هو الأكثر تماسكًا في المحافظة على مجلته لأنه مدفوع بقوة عاطفية، لكن هذه العاطفة لا تكفي إن لم يسايرها فكر لتنوع الدخل المالي حتى تبقى المجلة على قيد الحياة، أما من أصدر مجلة للواجهة الاجتماعية فربما تشبع من هذه الواجهة ولم تعد تعنيه، أو رأى أنها تستنزف المال بعد ظهور الإنترنت وانشغال الناس بالقادم الجديد الواسع، أما من أصدر مجلة كمشروع تجاري فهذا تاجر يدخل السوق أثناء الربح ويخرج قبل الخسارة. لكن شيئًا مهمًا ربما يكون هو السبب في قلة وجود مجلات عربية وهو أن لا أحد تخصص تخصصات عميقة كالتي شاهدتها في أوروبا، فهناك مجلة شهرية متخصصة بالسيارات الكلاسيك، وأخرى بالزراعات المنزلية، وهناك مجلات للأزياء، وهناك مجلات بتخصصات أخرى، هؤلاء جميعًا حددوا قرَّاءهم وعرفوا عددهم وطبعوا الكمية التي تناسبهم، أما الإعلانات المصدر الثاني المهم فكان من شركات من نفس تخصص المجلات. لست مقتنعًا بأن زمن المجلات انتهى، لأن القراء لا يتوقفون عن القراءة وانتشار الكتب وازدهارها دليل على ذلك.