ـ اتضح أن هناك تكاليف مبطنة، لا تظهر إلا بمرور السنين، لذا نخطئ عندما نظن أن النسيان كفيل بمحو الماضي البعيد، نحن ننسى أن النسيان في مواجهة دائمة مع الذاكرة، وأنه كلما قضم أجزاءً من الذكريات أعادت الذاكرة شيئًا منها على هيئة حنين. نحّن لأوقات من الطفولة والمدرسة والبيت والحارة، للأوقات التي استمعنا فيها للأغنيات التي صارت قديمة، لأيام الشباب ووجوه الأصدقاء.
لكن هذا الحنين ليس بالضرورة يدل على زمن أجمل، وأوقات بمجملها أسعد، بل بالعكس، فقد يكون الحاضر أجمل وأعقل من الماضي. الماضي مثله مثل بقية الأوقات، فيه سعادة وأحزان، لكن الذاكرة تتفضل علينا بعدم مقاومة النسيان عندما يمحو أحزان الماضي، أو أجزاءً منها، ويبقي لنا الجميل منها. يقول محمود درويش عن طبيعة الحنين (الحنين استرجاع للفصل الأجمل للحكاية)، وقد يكون هذا هو سبب خذلان بعض العائدين على أرض الواقع، عندما يعيدهم الحنين بسبب الفصل الأجمل، ليجدوا أنهم في عودتهم هذه تورطوا مع بقية الفصول. في الوقت نفسه يصعب أن نقول إن الحنين استرجاع للفصل الأجمل من الحكاية فقط، لأن هناك حكايات من فصل واحد كان كل ما فيها جميلًا، لمحمود درويش نفسه:
وليس لنا في الحنين يدُ
وفي البعد كان لنا ألف يدُ
سلامٌ عليك، افتقدتك جدًا
وعليَّ السلام فيما أفتقدُ.
ـ لأحمد خالد توفيق رؤية يفسر فيها معدل عمر الإنسان بربطه بالحنين، وكأنه يضع (الحنين) وقدرة الإنسان في مواجهته سقفًا يحدد العمر نفسه (هل فهمت الآن الحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مئتي عام لجّن من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان).
ـ في رواية الجريمة والعقاب، كتب دوستويفسكي عن الحنين واصفًا إياه بشيء أشبه بآلة الزمن للوراء، لكن هذه الآلة لا تقطع تذكرة كاملة لك، بل لجزء منك (أتدري ما هو الحنين؟ الحنين هو حين لا يستطيع الجسد أن يذهب إلى حيث تذهب الروح).
لكن هذا الحنين ليس بالضرورة يدل على زمن أجمل، وأوقات بمجملها أسعد، بل بالعكس، فقد يكون الحاضر أجمل وأعقل من الماضي. الماضي مثله مثل بقية الأوقات، فيه سعادة وأحزان، لكن الذاكرة تتفضل علينا بعدم مقاومة النسيان عندما يمحو أحزان الماضي، أو أجزاءً منها، ويبقي لنا الجميل منها. يقول محمود درويش عن طبيعة الحنين (الحنين استرجاع للفصل الأجمل للحكاية)، وقد يكون هذا هو سبب خذلان بعض العائدين على أرض الواقع، عندما يعيدهم الحنين بسبب الفصل الأجمل، ليجدوا أنهم في عودتهم هذه تورطوا مع بقية الفصول. في الوقت نفسه يصعب أن نقول إن الحنين استرجاع للفصل الأجمل من الحكاية فقط، لأن هناك حكايات من فصل واحد كان كل ما فيها جميلًا، لمحمود درويش نفسه:
وليس لنا في الحنين يدُ
وفي البعد كان لنا ألف يدُ
سلامٌ عليك، افتقدتك جدًا
وعليَّ السلام فيما أفتقدُ.
ـ لأحمد خالد توفيق رؤية يفسر فيها معدل عمر الإنسان بربطه بالحنين، وكأنه يضع (الحنين) وقدرة الإنسان في مواجهته سقفًا يحدد العمر نفسه (هل فهمت الآن الحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مئتي عام لجّن من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان).
ـ في رواية الجريمة والعقاب، كتب دوستويفسكي عن الحنين واصفًا إياه بشيء أشبه بآلة الزمن للوراء، لكن هذه الآلة لا تقطع تذكرة كاملة لك، بل لجزء منك (أتدري ما هو الحنين؟ الحنين هو حين لا يستطيع الجسد أن يذهب إلى حيث تذهب الروح).